السبت، 4 يناير 2014

ندوة الخارجية و الحاجة الى دقة التقييم وإرادة التقويم


من المقرر أن تنعقد الندوة (السنوية) لوزارة الخارجية التي لم تعقد منذ ثلاث سنوات خلت يومي الثالث والرابع من يناير 2014، ومن المفترض ان تحيط بالإشكالات والنقائص المتعلقة بمجال عمل المؤسسة. ولمن لا يعلم فالتحضيرات لهذه الندوة جارية وتجري على قدم وساق، وجند لها ويتجند العديد من الإطارات والإمكانيات وربما ليس في الأمر غرابة “فالدولة الصحراوية تسعى وتطبيقا لمقررات المؤتمر الثالث عشر للجبهة إلى الرفع من مستوى العمل الخارجي ليتماشى مع ما تتطلبه المعركة التحريرية” والتبرير واضح وجلي فالمعركة الحالية تعتمد على فعالية وتناغم مجموعة من الأدوات منها العمل الخارجي. ولكن هل كانت النتائج دائما تعكس حجم المجهود ومقنعة بالقدر المطلوب؟
لقد عودتنا الدولة وترسانتها الإعلامية على تضخيم انجازات مؤسستنا الدبلوماسية “الفاعلة”، و زينت موائدنا بفاخر التفاخر والمفاخر ليس فقط حول علاقاتنا بالخارج بل في كل مجالات حياتنا العملية وتغفل عن تذكيرنا بعيوبنا ونقاط ضعفنا ولسنا هنا بصدد تناول الامر برمته بل سنلقي الضوء فقط على المؤسسة التي من المفروض أن تكون أكثر حضورا وقوة وفعالية مما هي عليه.
تنعقد الندوة في ظروف عدة معقدة فيها ما له علاقة بالوزارة بذاتها ابرزها:
بعد تلكؤ لا مبرر له ـ وربما له ونجهله ـ دام سنوات عديدة تم تنفيذ قرار المؤتمر ولكن بشكل اعرج والمتمثل في أن يكون مقر الوزارة ” في أرض الوطن” كونها من وزارات السيادة ولكي ينتهي الخلط الذي دام سنوات عديدة بين الوزارة والسفارة الصحراوية في الجزائر.فجاءت المعالجة بشكل غريب وضع سفارتين في الجزائر كما اورد المرسوم الوزاري الذي نص على وجود تنسيقية للخارجية  الى جانب السفارة وكأن السفارة لها عمل اخر غير التنسيق.
ترزح الوزارة كالعديد من الوزارات تحت إمرة ذات الشخص منذ قرابة عقدين وهي في تدهور مستمر.
يتم تسيير المؤسسة بثلاث رؤوس وتختلف عن بعضها من حيث الصلاحيات والفعالية (شخص الوزير الذي لا يعرف من اين يسير المؤسسة هل من الجزائر ام من الشهيد الحافظ ام من الخطوط الجوية / الامين العام وهو منصب حديث على الوزارة لايزال يتلمس الطريق/ مكتب التنسيق في الجزائر).
وفيها ما له علاقة بالعمل الخارجي أهمه :
جمود نشاطنا في الخارج وتعثر فتح العديد من المكاتب والسفارات.
اختصار التمثيل في اغلب العواصم العالمية على شخص او اثنين وخاصة العواصم الفالة في المشهد السياسي الدولي مثل لندن، باريس، واشنطن،بريتوريا ، بروكسل،نويورك،برلين.
إنسداد الافق السياسي وضبابية مصير مخطط التسوية.
إنتشار مشاكل لا حصر لها في المؤسسة وفي السفارات والتمثيليات ترقى الى حد المساس بالمصلحة العامة.
هذا كما أسلفنا غيض من فيض الظروف التي ستنعقد في أجوائها الندوة، وجدير بالتذكير أنها حدث “سنوي” كان له تاثيره في السنوات الماضية مثل الكثير من شؤوننا الأخرى في زمن الصدق، وفي الواقع لا احد يمكنه القطع إن كانت مقررة كجزء من برنامج الحكومة أو مبادرة من المؤسسة ـ ولا يُظن ـ أو أنها من ضمن التقاليد والتقليد الذي أدمن عليه مصدر القرار لدينا كمكون من مكونات المورفين والبروفين الذي يحقن بهما أهل المنفى لضمان المزيد من الاستكانة، ونجزم نحن ونقطع أنه شابها التآكل والصدأ الذي طبع جميع فعالياتنا حتى اصبحت تنظم على طريقة مر الكرام و يقتصر التحضير لها على التقرير السنوي المحشو بالايجابيات المرصعة بأفخم التعابير والألفاظ ، وترد فيه السلبيات كفضائل معلقة على مشجب الواقع . ويقتصر الحضور على من صادف وجوده بالمخيمات تاريخ انعقاد الندوة من موظفي المؤسسة.
 كما يتم تنظيمها تحت وقع العديد من الإخفاقات الدبلوماسية حتى لا نقول الهزائم، التي  يجب ان يُبحث بشكل موضوعي عن مسبباتها الحقيقية حتى يمكن تفاديها في المستقبل، و نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر تجديد اتفاقية الصيد البحري بين الاتحاد الأوربي و المغرب، تجميد دولة بنما وبعض دويلات الكاريبي اعترافها بالجمهورية والتي مرت دون ان يتحمل احد ـ من الذين يصمون أذاننا بصراخ تبجحهم عند تحقيق الاعترافات ـ المسؤولية عن سحبها او تجميدها، وفي أجواء فضائح لا يمكن التستر عليها مثل المتاجرة بمقرات  السفارات وسياراتها، وإستخدام البعض لها كمنازل عائلية يطرد منها الموظفين.
ولكوننا نتمتع بالحلم كنا ننتظر أن تتم محاسبة أو على الأقل مساءلة المسؤولين عن هذه الكوارث ولكن ولا عجب فوجئنا بهم يتلقون المكافأة والترقية في تلميح واضح على أن من يريد أن يكافأ فعليه أن يسير على تلك الشاكلة.
ولكوننا نتمتع بحس قليل من الكرامة فإننا نتناول الموضوع حتى لا يتبجح أحد علينا أو يحاول ان يضحك على ذقوننا ويحاول ـ وسيحاول ـ أن يتغنى أمامنا بجرد من المنجزات نعتقد معه أن حصولنا على الاستقلال سيأتي بمجرد خروجنا من قاعة الندوة، ويعدد سلسلة من البطولات تحول الفاسدين الفاشلين إلى أشباه أنبياء يزينون صدورهم بالمجد الذي سيحققه الشعب بعد عقود.

المصدر: الضمير