الخميس، 8 ديسمبر 2011

رسالة مفتوحة الى جلالة ملك اسبانيا





ابراهيم احمد
جلالة الملك اخوان كارلوس ملك إسبانيا اليوم تمر ثلاثة عقود ونصف على خروج قوات مملكتكم من ارض الصحراء الغربية الارض التي استعمرتها دولتكم قرابة قرن من الزمن ، تاركين للتاريخ حكمه على جلالتكم بتشريد شعب بكامله يتخبط في ويلات المحن والمعانات لأبسط شروط الحياة التي هي حق طبيعي لكل مخلوق على وجه المعمورة ولاسيما الكائن البشري منها.
جلالة الملك ان الخطأ أو سوء التقدير في المواقف ليس بالذنب الغير مغفور وانما التمادي فيه هو الذنب الاعظم ولاسيما اذا كان الامر يتعلق بمصير شعب لم يرتكب من ذنب سوى انه قرر ان يستنشق هواء الحرية كما تستنشقه جلالتكم في قصوركم او كبقية شعوب المعمورة.
جلالة الملك ما اسعد تلك اللحظات عند جلالتكم حين ترون ابناءكم واحفادكم يمرحون ويفرحون ويتبادلون اطراف الحديث في حديقة تسلية يستنشقون هواء الحرية ، يقرأون ، يتعلمون ،يتطببون ،يعرفون المدينة والشارع والسوق والالعاب و المدرسة في دفء وعطف الوالدين والمعلم والطبيب والمستشفى وكل مستلزمات التربية والتكوين والتأهيل والتأطير من أجل مستقبل مزدهر ، اذا ماقاررنا مايعيشه اطفال الصحراء الغربية من معانات وحرمان لأبسط حقوق الطفولة ، لم يرون اباءهم ولايعرفون عن حجرات الدراسة الا ما تحت الشجر ولا عن المدينة الا الخيام ولا عن حدائق التسلية الا ما اطلقوه من مجسمات في الفضاءلايستطعون رؤيتها لتلك الزوابع والعواصف التي لاترحم ولا من الغذاء الا بابية ، فما هو موقف جلالتكم اذا كان مايعيشه اطفال الصحراء الغربية من حرمان ، يعيشه ابناءكم واحفادكم وما هي ردة فعلكم على من تسبب في شقاء ابناءكم ؟
جلالة الملك ألا تعرفون ان التاريخ لايرحم من لايرحم وان حقوق الابرياء لن تضيع من ذاكرة التاريخ مهما لفق بها وعتم منها ، وهاهي اجيال تتداول احداث ووقائع منذ الاف القرون بالذم و اخرى تتغنى وتمدح أحداث اخرى منذ القدم قد أفلح وأعدل اصاحبها بالحق ورجال قد طغوا وافسدوا في الأرض وأساءوا للبشرية وتنكروا لحقوق الانسان وهم في حضيض التاريخ والمثال ألاسوأ في اطواره ، وآخرين دافعوا عن حقوق الأنسان والحق والعدالة و الآن تتغنى بهم اجيال بعد اجيال ، فيا جلالة الملك هل ستتغنى بكم الأجيال في الصحراء الغربية في وقت كنا نعلق فيه آمالا كبيرة على جلالتكم وقد استبشرنا خيرا حين خاطبتنا جلالتكم في اواخر سنة 1975 في مدينة العيون بأن اسبانيا لم ولن تترك الصحراويين عرضة لأطماع الأخرين مهما كلف الثمن ( الخطاب مسجل) لكن الرياح جرت بمالاتشتهيه السفن.
جلالة الملك أستسمحكم ان خاطبتكم بما لا يتماشى ومقامكم لكن احساس وتألم المريض الذي يعاني ربما يزعج آخرين بسبب المعانات والألم وليس قصد الازعاج
جلالة الملك ألا تعرفون أنكم قد ارتكبتم خطيئة غفرانها ليس بالسهل في حق شعب يتقاسم معكم كثيرا من الروابط التاريخية ، أغلبية شعبكم يدافع عنه ويتأسف لتاريخكم المتنكر لحقه ، في وقت تكون فيه مصالح دولتكم العليا مرتبطة بوجوده ، ولكونه الشعب الوحيد في العالم العربي يتكلم لغتكم، ومستعد للتسامح وطي صفحات الماضي الأليم ، اذا اقدمت جلالتكم على ذلك من خلال الجرأة والشجاعة كما فعلته جارتكم دولة البرتقال مع مستعمرتها السابقة تيمور الشرقية من اجل تقرير مصيرها.
جلالة الملك بصفتي صحراوي الأصل احمل الجنسية الاسبانية يراودني الخجل من كوني صحراوي متألم يعاني كبقية الصحراويين والشعور بالذنب بحملي لجنسية كانت مسؤولة عن معانات وتشريد شعبي الأصيل ، وحين أتقدم لصناديق الاقتراع لأعبر ديمقراطيا عن اختياري في دولة تتزعم الديمقراطيات وفي نفس الوقت تمنع شعبي الاصيل من التعبير عن حقه في تقرير مصيره ، وحين ارى جيش دولة احمل جنسيتها يدافع عن حق الشعوب في الكويت والعراق وأفغانستان وبلدان البلغان (يوغسلافيا سابقا ) وليبيا وفي نفس الوقت هي التي كانت وراء تقسيم شعبي الاصيل والداعم الاساسي لتشريده وطرده من دياره مقهورا حفاة عراة.


جلالة الملك لقد هرمتم وأوشكتم على الرحيل بحكم الطبيعة انتم زائلون لا محالة وسوف تتركون تاج مملكتكم لولي عهدكم ، وهذا التاج مدان للتاريخ ، اللهم اذا تقدمت جلالتكم بألاعتذار وبكل شجاعة لهذا الشعب الابي الذي هرم في المعانات ولم يتذوق يوما واحدا طعم حلاوة.
جلالة الملك اذا كان سلفكم الحاكم افرنكو قد حكم عليه التاريخ بالدكتاتور فقد كان ارحم بشعب الصحراء الغربية من ديمقراطية مملكتكم التي ساعدت على شقائه بدون رحمة.


جلالة الملك كيف تردون على سؤال طرحته علي ابنتي البالغة من العمر 9 سنوات وهي تشاهد محاكمة رجل في التلفاز لسوء معاملته لكلبه قائلة بابا : لمذا الحيوانات خير منا يدافع عنهم ونحن بشر لا احد يتكلم عنا ، فعاهدتها بانني سوف اطرح سؤالها على من تسبب في شقائنا رجيا من جلالتكم ان تقدموا الاجابة لابنتي.




وشكرا