الخميس، 14 أغسطس 2014

افترقنا في اللجوء والتقينا في الغربة



بقلم صحراوي مغترب 



افترقنا في اللجوء والتقينا في الغربة 
أستيقظ باكرا على غير عادته بمساعدة منبه الهاتف طبعاً والذي لولاه لاستغرق في النوم حتى منتصف النهار ...
مضى على وجوده في هذه المدينة التي لا تنام عدة سنوات ومع ذلك لم يطلق عادة النوم الطويل في النهار ...
لأول مرة بعد مدة طويلة يسمع من جاره في البيت المقابل له كلمة " بويناس دياس" او صباح الخير قالها مع نظرة تعجب ودهشة !!! "أهميد" يعني أحمد هذا أنت ؟ لا أصدق قال الجار وهو يشاهد جاره وقد أنقض العهد مع النوم في حدث تاريخي يجب أن تحتفل به " دونوستي" كلها .
بادل جاره بابتسامة دون أن يتكلم فمزاجه لا يسمح بذلك,والوقت أصبح يداهمه فموعد الحافلة اقترب وعليه أن أن يصل وكالة التشغيل في الوقت الوقت المناسب والا فسيضيع فرصة العثور على عمل بعد سنوات من البطالة ...
صعد الى الحافلة مسرعا دون أن ينظر حتى الى من فيها من ركاب,جلس في المقعد الذي يستطيع أن يرى فيه المدينة وكيف تبدو في الصباح ...
ما إن اعتدل في جلوسه حتى أستقر بصره على لوحة كبيرة يظهر فيها الوقت والزمن إنها الثامنة وثمان وخمسون دقيقة لم يبقى للحافلة سوى دقيقتان وتنطلق قال في نفسه, تاريخ اليوم يعرفه فاليوم لديه موعد هام قد يغير مسار حياته بالكامل ففي الغربة لا حياة بدون عمل ...
رغم ذلك مازال يحدق بتلك اللوحة ...أيمكن أن يكون ذات التاريخ ؟ يسأل نفسه . نعم إنه السادس من أوت يجيب نفسه , السادس من اوت ؟؟؟؟.
عاد الى ذاكرته المثقوبة مشهد ظن أنه دفن بداخله الى الابد ...
سيارات تتابع , زغاريد تشق صمت مخيم الداخلة , صيحات الفرح تتعالى ...
إنه عرس كبير قال له صديقه وهما يدخلان الولاية كي يحضرا إجتماعا طارئا دعيا له , عرس لابد أنه عرس .... أيمكن ؟ نعم فالسيارات تتجه الى الدائرة التي تسكن فيها ...
ما الذي ات بي الى هنا الم تدعوني صديقتها للحضور ورفضت ؟ يا له من إجتماع لعين قالها بغضب وهو يشاهد حبيبته تزف لاخر بعد أن أمضى سنوات يحلم أن تزف له , لولا تلك الغيرة التي أحرقت قلبه وأحرقت حبل الود بينهما ...
ما إن وصلا مقر ولاية الداخلة حتى بدا المناخ في التغير هبت رياح عاصفة التفت اليه صديقه ضاحكا وقال ،، القوم واكلين لخناشيش ،، لم يفهم معنى هذا الكلام فقد كان يعتبر هذه الرياح غضب الهي 
لقد سافر بذاكرته الى ما قبل أربع سنوات كاملة , ابحر في مكامنه الحزينة أيقظ هذا التاريخ فيه شعورا هجره لسنين ولم يعد يجد طريقا الى قلبه ...
لقد تاه في غياهب الذكريات ولولا هدوء محرك الحافلة لظل تائها تتقاذفه تلك المتاهات ...
أحمد أحمد إنه اسمه يتردد على لسانٍ أحدهم لابد انها أحد معارفي قال في نفسه لكن كيف لم تراني كل هذا الوقت كله ؟ تساءل في نفسه 
أحمد " كظ " قلبه يخفق بسرعة البرق , برودة تتسلل الى أطرافه , بدأ يرتجف حتى كاد يسقط ...
هي ...إنها هي , إنه صوتها نعم هذا الصوت لم يمت بداخلي أبدا كان يتردد في أعماقي دائما ...
ضحكة طفل برئ تقطع حواره مع نفسه .. si mamá ...لابد انه ابنها لا لا انا في " دنوستي " ولست في الداخلة , كم مر من الوقت على ذلك التاريخ ؟ اربع سنوات , هل هي كافية لتنجب ؟؟؟ نعم كافية لالالا...
أحمد باموس إنه صوت الصالح صديقي لا لا أظن , لا يمكن أبدا ....
ولكن لماذا لا ألتفت لماذا لا أنهي هذا الصراع ؟ يا الله هل أقوى على ذلك ؟ لابد أن أقوى لقد عشت طول هذه السنين وحيدا ماتت بداخلي الاحاسيس وصرت أشبه بالجماد , طيلة هذه السنوات كان اصدقائي الباسك يسمونني القاسي القلب, كنت ارى في حبهم زيفا وإشباع لغريزة حيوانية ليس إلا 
لقد ودعت الحب في ذلك اليوم المشئوم , لقد عصفت به تلك الرياح ومضت به حبات الرمل الى حيث لا رجعة ...
التفت يا أحمد وانهي هذا الصراع ولا تنسى أنك انتظرت هذا اليوم سنين لا تنسى أنك علقت عليه امالا عريضة , الم تكون تمني اخواتك آلائي تركتهن بأن تحقق لهن احلامهن بمجر أن تجد عمل ... التفت من اجل اخواتك وانزل بسرعة فموعد المقابلة قد دنى ....
صمت يخيم على المكان , هدوء غريب غرابة تلك الوجوه التي رأها وهو يحاول أن يستيقظ , أين أنا , donde estoy ؟؟؟
الممرضة لا تتكلم فأنت متعب للغاية , تنادي على أحدهم señor لقد استيقظ صديقك لكنه بحاجة الى الراحة ...
أحمد أنا الصالح لقد اغمي عليك بمجرد أن رأيتني بعد كل هذه السنوات أعرف أن ما حدث لك بسبب هذه المفاجئة السارة , المهم أننا التقينا بعد هذه السنوات لدي الكثير لأحكيه عليك , ولكن قبل ذلك أعرفك على ولي العهد أحمد إنه سميك,ألم أعدك بأن ابني سيحمل اسمك وهذه امه السالمة ...
يا الله ما الذي يجري,الم اشاهد تلك السيارات في ذلك اليوم " ديفيلة " الم يقول الصالح مازحا أن " القوم واكلين لخناشيش" كيف تكون زوجته وهو كان معي في في ذلك اليوم, لقد حضر معي الاجتماع وعدنا الى "الرابوني" معاً ؟
أسئلة كثيرة تحتشد في ذهنه لكنه لا يقوى على طرحها على صديقه وحتى إن أراد فإنه لا يستطيع فقد إبتلع لسانه مع كلمات الصالح الاولى ..
أحمد يا صديقي كنت اتمنى أن تكون معي في ذلك اليوم ستعاقب لأنك فار عن وظيفتك " تاوزيرت" يقول الصالح ضاحكا وهو لا يدري أنه يقتل صديقه ببطئ ...
السالمة فتاة طيبة صحيح أنها تزوجت من قبل,لكن لا يهم فذالك الزواج لم يدوم الا شهورا قليلة,لقد كان زواجا مفروضا عليها اما أنا فتزوجتها عن حب وقد أثمر حبنا هذا البطل " احمد " هي ايضا اصرت على ان يكون إسمه احمد رغم انها لا تعرفك ...
يا الله نعم لقد اوفت بوعدها لي, كانت قد وعدتني لحظة فراقنا بأن اول ابنائها سيحمل اسمي , لكني لم اتخيل يوما ان يكون ابوه هو صديقي ...
لابد انها لعنة هذ اليوم السادس من اوت يقول في نفسه وهو يرمق دمعة حبيبته عفوا زوجة صديقه وهي تنهمر دون أن تنبس ببنت شفة....