الأربعاء، 24 أغسطس 2016

"الكركرات" و الخطاب السياسي الصحراوي.

بقلم لبات الصالح

منذ توقيع معاهدة وقف اطلاق النار مع العدو المغربي سنة 1991، تغيرت بوصلة الثورة الصحراوية من العمل العسكري إلى الفعل السياسي البحت، منذ حينها راهن الخطاب السياسي الصحراوي على الحل السلمي للقضية 
،و استعمال فرضية الرجوع لحمل السلاح كحد اقصى لهذا الخطاب، إلا انه كان على المحك في اكثر من موقف.

 لجوء الجبهة للفعل السياسي حتمته عدت ظروف اقليمية و دولية، فالحليف الرئيسي و الاستراتيجي الجزائر، كان تحت رحمة حرب اهلية و النظام العالمي تحول من القطبية الثنائية إلى القطب الواحد، من ما ادى إلى تغيير في الخطاب الدبلوماسي الدولي، بعد طي صفحة الموجة التحررية في العالم، إلى دبلوماسية حقوق الانسان و الديمقراطية، السلام الدولي،و الحرب على الارهاب، فكان لابد للجبهة ان تتاقلم مع المستجدات و التطورات المتسارعة بالعالم، و تعويض صوت الطلقة بخطاب دبلوماسي سياسي لأدارة و تسيير مرحلة الانتظار، و مواصلة المواجهة.

إلا ان فاعلية و مصداقية الخطاب السياسي دائماً تكون مربوطة بالفعل الذي ينتج عنه، و هو الشيء الذي يجعل له صدى شعبي او سخط شعبي، و الخطاب الصحراوي في السنوات الاخيرة قد تازم و تاكل، لأن لا حل سلمي للقضية ظاهر في الافق، لا القريب و لا البعيد، و لا تجسيد "لخطاب المرحلة" على ارض الواقع، الذي يدعو للجاهزية العسكرية، بينما لا توجد اي عناية للمؤسسة العسكرية لا مادية و لا بشرية، و يدعو لتقوية مؤسسات الدولة، بينما تساهم القيادة في حالة التسيب الاداري، و انعدام الانضباط و ترسيخ سياسة القبلية في كل ربوع المؤسسات الوطنية، و كذلك الاكتفاء بمراسلة الامم المتحدة و مجلس الامن كرد فعل على الاستفزازات المغربية المتكررة، كل هذا اثبت عدم نجاعة هذا الخطاب، مع الواقع الداخلي و مع الخروقات المغربية للقوانين الدولية و ضربه بها عرض الحائط، و ان رهان الجبهة بعد الحرب جعلها رهينة لخطابها السياسي.

اليوم الخطاب و الفعل السياسي الصحراوي ايضاً اثبتُا عدم كفائتهما و نجاعتهما، فبعد الخرق المغربي السافر لوقف اطلاق النار، اين احتل المنطقة العازلة (قندهار) في وضح النهار، كأستفزاز للصحراويين، و تهديد للجار موريتانيا، و تجسيداً لخطابه <<من طنجة لكويرة>>، لم يكن الرد الصحراوي خارج عن العادة؛ مخاطبة للمجتمع الدولي، و شجب و احتجاج.

إن سياسة الاحتلال في التملص من القارارات الدولية و خرق الاتفاقيات المبرمة معه، و انتهاجه لسياسة الاستفزاز المتواصل و طمس الحقيقة، تؤدي إلى حتمية ايجاد فعل سياسي للمواجهة، اكثر فاعلية و تجاوب مع الاحداث و متطلبات المرحلة.


طيب الله اوقاتكم.