إن الإنسان يستطيع أن يكون خيرا، طيبا، متواضعا ومنبعا للرحمة وأهل للثقة والمسؤولية إذا نظر إلى الحياة بفكر راق متواضع وبسيط، ومتشبع بمبادئ وقيم الدين الإسلامي بمثابة مقومات أساسية للحياة، والتي تجعله إنسانا ناضجا متزنا وأهل للمسؤولية، بقدرما يستطيع أن يكون شرا وعديم الفائدة والمسؤولية أو غير مبال بها حتى، فيصبح بذلك غير سوي فاشل اوغير موجود أصلا إن صح التعبير، لان الوجود من عدمه بينهما مابين السماء والأرض والإنسان انعم الله عليه بفكر وعقل يثبت به ذاته ويتدبر به الأمور ويضعها في نصابها الحقيقي ويقيم ذلك ويميز بين الصح والخطأ بكل اعتبار فعلينا أن نختار من نكون.
إن الحديث عن الشباب وطيش الشباب سيذهب بنا حتما إلى أمور لابد أن نضعها كنقاط ونحددها كعلامات حمراء أو سوداء بتعبير أدق لان الإنسان حتى في طيشه لابد أن تكون له حدود وخطوط حمراء لايمكن أن يتجاوزها فمابالك بالآخرين عليه كعزة النفس والكرامة والوطنية التي بمثابة الوجود من عدمه مهما كان تفكير الفرد منا إلا أنها مسلمات ومبادئ الحياة التي يجب أن لاتبنى على أي أساس مادي مقشوش ومزور وعلى حساب أشياء أخرى يجب أن تكون كامنة في حياة الإنسان .
ففي عصرنا هذا نجد أن الكثير من الشباب لايفكر إلا بالمنفعة وكأنه لايؤمن إلا بالمادة وغير مكترث بمصدرها، فيصبح بذلك برغماتيا ومن الدرجة الأولى حتى وان كان ذلك على حساب وطنه ووطنيته ومبادئ وقيم أبائه وأجداده، التي ترفض الخيانة والذل والمهانة، فعلة سيئة أن يترك الإنسان وطنيته وأمجاد أهله ويدير لها الظهر نحو عالم خبيث ومجهول المعالم وان بانت تظهر وكأنها هاوية تهوي بصاحبها إلى أسفل السافلين. هكذا هو حال الاحتلال المغربي الذي أصبح الذهاب إليه من قبل الكثير من الشباب سنة أو عادة سيئة بحثا عن جنيهات أو دار أو سيارة يسخر من خلالها الاحتلال المغربي من شبابنا وبلادنا أو ليصبح في الكثير من الأحيان صاحب خمر أو مخدرات أو زنا إنها لعنة الخيانة .
يقول الفيلسوف الشهير "ديكارت" في مذهبه الشهير مقولة شهيرة "أنا أفكر إذن أنا موجود" ويقول الكثير من الشباب في عصرنا هذا وفي مذهب فلسفي آخر "أنا عندي سيارة إذن أنا موجود"، فشتان بين هذا وذاك وشتان بين المذهبين تفاوت كبير بينهما فالأول رهن الوجود بالتفكير والثاني رهن وجوده بوجود السيارة , ويسعى إلى الحصول عليها بأي طريقة وبأي ثمن حتى وان كانت على حساب عزته وكرامته .
فشبابنا اليوم منكب التفكير في الحصول على سيارة و لايكترث لمصدرها وغير منتبه انه بفعلته أصبح منبوذا اجتماعيا وان التاريخ يسجل له وبأحرف من دم خيانة بشعة لدماء وأرواح الشهداء خيانة يندى لها الجبين وتقشعر لها الأبدان، المهم أن يتباهى بسيارة أمام الأصدقاء والآخرين، ويتربع على كرسي القيادة وأي قيادة "قيادة الخيانة" التي تربع على كرسيها أناس من قبل ولم يجنوا إلا الخيبة والخجل لان السيارة حسب اعتقاده ومذهبه هي الشخصية والقيمة وهي الاحترام والتقدير وهي الوجود في نظره، ونسي أن هناك أشياء كثيرة أهم بكثير من السيارة نسي نخوته وشهامته، نسي أرضه وعرضه، ونسي أن المحتل المغربي نفسه الذي يدفع له السيارة والجنيهات والدار هو من قتل وشرد واختطف واعتقل أهله ولا زال كذلك فربما تطاله هو أيضا، فهي سياسة وإستراتيجية من الاحتلال المغربي عندما فشل في محاولات كثيرة لطمس الهوية الصحراوية، يستهدف من خلالها الشباب الصحراوي ويحاول إغراءه لأنه يدرك تمام الإدراك أن شباب اليوم هم رجال الغد وحماة المجد ولربما تكون بأيديهم زمام الأمور مستقبلا في غالب من السخرية والاستهزاء يغتصب به وطنيتهم، فلماذا أيها الشباب تجعلون من أنفسكم لعبة يحركها الاستعمار المغربي في وجه آبائكم وأجدادكم ووطنكم؟ فأين منكم ذلك الشباب الطموح الواعي الذي كان يحسب الزمن بالثانية والدقيقة لينضم إلى جيش التحرير ويكون جمهورية صحراوية تفرض وجودها بكل إصرار وعزيمة؟ وأين الوطنية إذن؟ وأين الأنفة والاعتزاز بالانتماء إلى ثورة العشرين ماي الخالدة؟ وأين الطموح والوعي والتطلع نحو الحرية والاستقلال ؟ فما هكذا ينال المجد.
إن الوجود أيها الشباب هو القضية والقضية هي الشخصية الوطنية، والوطنية بأسمى معانيها لايمكن أن تداس أو تطمس بجنيهات أو بدار أو بسيارة يسخر من خلالها الاحتلال المغربي منا ومن بلادنا فالوطن خط احمر لايمكن لأي تجاوزه، فلا حياة لمن لا وطن له يعيش لأجله ويحى بهواه وصدق قول الشاعر حين قال
ولي وطن آليت أن لا أبيعه ... وان لا أرى غيري له الدهر مالك
بقلم: الخديج عبد الجليل
