الجمعة، 10 يناير 2014

النخبة في مؤتمر الشبيبة بين انقلاب فاشل او تغذية واقع

                 بقلم كبادة حمد السيد               


لست متشائما بقدر ما أنا متفائلا بوجود جيل جديد يعطي للمتغيرات رونقا بمواصفات عصرية تتماشى 
والمرحلة الراهنة, إلا أنني في هذه  السطور قد أكون قاسيا ومتشائما ليس لأجود شوائب او أجسام مضادة على الساحة  بل لأن الواقع أعطاني الفرصة كما كان دائما لأرفع القلم من جديد .
 لقد أعطاني المؤتمر الثامن لاتحاد الشبيبة الشرعية للكتابة من جديد بعد ان كانت الظروف ملائمة في استحقاقات أخرى فكان حضوري في المؤتمر كبقية الزملاء من مؤتمرين  صحفيين وكتاب ومثقفين ... 
لقد أثبتت التجربة الوطنية في التسيير والزعامة شئنا أم أبينا ان جيل بصيري والولي أفضل عطاء  وأكثر نضج فكري من جيل اليوم وذلك  في التعاطي مع كل استحقاق وطني,  برغم من ما كان يروج في تلك المرحلة,وما ثورة عشرين مايو وإعلان الوحدة الوطنية إلا دليل قاطعا على ذلك العطاء والنضج,وما مؤتمر عموم الولايات عنا ببعيد إلا ان الحديث عن جيلين في نفس الفترة قد يجعل التباين موجودا وهو حتمية ومسلمة لا مناص من الإيمان بها, كما  ان  الإلمام و معرفة تقدير هذه النظرية قد يجعلنا أمام متناقضتين الأولى مسيرة النضج الفكري والثانية الهيمنة السياسية والاستبداد العمري بالسلطة والذي أنتج تمرد فكري لدى الجيل الجديد عبر عنه أحيانا بمقالات نقدية  رغبتا منه في الإصلاح  , الذي يعتبر مطلب شرعي لكل من أراد بهذه الحركة خيرا ويصبوا لتحقيق حلم الدولة ,إذا هناك نصبح بين فكرتين تجعل كل منهما الأخرى محل التصحيح والنقد .
كمتتبعين للمؤتمر الأخير للشبيبة  في الساحة الوطنية والذي كانت ميزته الغالبة انخراط النخبة في الحملات الانتخابية بجميع مراحلها والتي رصدت لها إمكانيات هائلة شملت كل متطلبات الفوز باستثناء عنصر الكفاءة
وأمام هذا الواقع الذي كان أشبه بسوق  ابرز سماته هو ان ينادي كل مرشح فيه  باعلا صوت من اجل ان تحقق مبيعاته أعلى رقم أعمال ,كما رصدت هناك بعض العلامات التجارية التي راجت في السوق متأخرا  من اجل الظفر بمنصب الأمين العام فلم يكن أصحابها  بمعزل عن الواقع ومتطلبات المنطقة الصناعية فشكلت لدى المراقبين المطلعين محاولة انقلابية فاشلة لا تستهدف مرشح بنفسه بل تستهدف واقع وطني متردي تحكمه المصلحة والعاطفة ويخترق مختلف فيئات المجتمع ليجتاح الفئة الشابة  لتتحمل النخبة المؤتمرة والمدعوة المسؤولية الكاملة للمؤتمر المسرحية ابتداء من اللجنة التحضيرية أوصولا إلى اللجنة الانتخابية
فمحاولة الانقلاب هذه على الواقع انصهرت فيه قلة من الفئة الشابة كان اغلبها مشاركين لا يحق لهم التصويت واقلها مؤتمرين بالانتخاب : شعروا  بأنهم يتطفلون على منظمتهم الشابة منذ ان أهملت الوثائق والنقاشات بل برز ذلك جليا في القفز على المادة 36 من القانون الأساسي للمنظمة وذلك من الطرف القيادة السابقة للمنظمة في مشهد دراماتيكي تمتعت فئة قليلة بمشاهدته على (خشبة المؤتمر) في لحظة كانت فيها القاعدة العريضة للاتحاد تخوض في سباتها العميق متقية برد الشتاء منتظرة من يوقظها إلى صناديق الاقتراع   وهو ما تجسد فعلين في الدور الثاني للانتخابات, أما ما يزيد الموضة الجديدة جمالا هو اعتبار منظمة اتحاد الشبيبة إلى حد الآن هي المنفذ الوحيد للوصول إلى مركز القرار.
لنبقى في مواجهة  هذه المسلمة  و المتمثلة في اصطفاف طابور من الشباب أمام منصب واحد ( والمعروف ان الطابور هو ابرز سمات البيروقراطية), وهنا توجب على القيادة السياسية في الحركة والدولة ان تعمل على خلق إستراتيجية جديدة للحد من هذا الطابور والذي أصبح موضة يعتاد كل الخريجين على زيارته والتروي من مائه الشروب
عموما لم تكن هذه المحاولة الانقلابية على هذه الوقائع التي تم ذكرها هي الأولى من نوعها ,وذلك ان استحقاقات وطنية هامة في المسار الديمقراطي كانت نسخة مطابقة لبعضها    ولعلى ابرز تجلياتها  اتحاد العمال والنساء...وبالتالي ان بروز الظاهرة شخصتا في بعض المحطات الوطنية تنبئ بمستقبل ديمقراطي غامض لا مناص من مواجهاته إما دستوريا وهو دور القاعدة  او تكتيكيا وهو دور  المثقفين. 
أمام هذه الوقائع التي عشناها جميعا اليوم او الأمس وفي كل محطات الفعل الوطني توجب على الجميع مراجعة قواعد السوق من خلال ابتكار أساليب جديدة لحماية المجتمع من  سلع لا تصلح أساس للاستهلاك مسببتا أمراض من قبيل الضغط والسكر وهي عقد اجتماعية ستقضي نهائيتا على المشروع الوطني
إذ توجب على المثقفين ولا أقول النخبة  الانخراط في مشروع ان صح التعبير يقال عنه مشروع الإصلاح والتوعية  وهو مشروع الجيل الجديد الذي يدعو إلى إبراز عامل الكفاءة والخبرة كشرط أساسي لممارسته أي دور قيادي مهما كان نوعه.
وفي الأخير تبقى مجموعة من التساؤلات تنتظر إجابات  من قبيل
  ذا كان جيل الأمس هو الصانع لكل الملاحم البطولية لشعبنا العظيم, عسكرية سياسية اجتماعية  وهو المؤطر لاعلان الجبهة والدولة والوحدة الوطنية ... فماذ صنعنا نحن جيل اليوم باعتبار التاريخ مسيرة نضالية وصناعته مسؤولية مشتركة ؟
و هل سنصل إلى الهدف مادمنا نساهم في صناعة  الوقائع السالفة الذكر أم ان  أقلية قليلة ستظل تزاول رياضة إعادة التأهيل إلى غاية حدوث المعجزة ؟
  

kabadah2@gmail.com