الأحد، 21 سبتمبر 2014

عابدين بشرايا لـ"البلاد الجزائرية": الخيار العسكري ضد المغرب مستبعد لأننا نشتغل في إطار السلم



أكد مندوب جبهة البوليساريو بإسبانيا عابدين بوشارايا، أن المغرب مستمر في ممارسة خروقات القوانين الدولية ولوائح الأمم المتحدة في الوقت الذي تعمل الصحراء الغربية على احترامه، وأشار المتحدث في الحوار الذي جمعه بـ"البلاد"، إلى أن الجبهة لا تحاول استمالة أي مغربي أو صاحب جنسية أخرى للاستعانة بمعلوماته، مؤكدا أن الموقف الجزائري تجاه القضية الصحراوية ثابت بسبب أن الجزائر "بلد صاحب مبادئ ويقف مع الشعوب وحرياتها"
  
- ما مدى التزام جبهة البوليساريو بقرارات الأمم المتحدة في ظل خرق المغرب لها؟ 
في سنة 1991، جاءت الأمم المتحدة إلى منطقة الصحراء الغربية بموافقة الطرفين المغربي والصحراوي، وعرضت علينا برنامج وقف النار، ومنحت للصحراويين كلمة شرف أنها ستلتزم بتنظيم استفتاء سنة 1992، وللأسف لم توفِ بوعدها إلى يومنا هذا رغم مرور 23 سنة، مع العلم أن المنطقة لازالت تحت مسؤولية هذه المنظمة الدولية. وجبهة البوليساريو اندفعت بجدية وبمصداقية لتطبيق قرارات الأمم المتحدة. وأود أن أوضح نقطة جد مهمة، فقبل مجيء منظمة الأمم المتحدة قبل سنة 1991، قام المغرب بغزو المنطقة عسكريا، وفي المقابل كانت جبهة البوليساريو تحارب من أجل الاستقلال. وأما ما يتعلق بالتزام جبهة البوليساريو بقرارات الأمم المتحدة، فنحن جديون في هذا الأمر، والعالم يشهد لنا بالنزاهة والشفافية، في المقابل نجد أن المغرب يحدث العراقيل يوميا من أجل أن لا يتم هذا الاستفتاء، مما يعتبر خرقا غير مسؤول للقانون الدولي، والدليل على ذلك أن الدولة المغربية تعرقل حاليا زيارة روس إلى المنطقة كوسيط أممي.

- ما سر العمليات التي يترقبها المغرب من جبهة البوليساريو والرامية إلى استهداف القصر الملكي؟ 
في واقع الأمر ليس هناك أي سر، فمنذ اتفاقية وقف النار، وجميع اللقاءات الدولية مع المغرب كانت تحت غطاء الأمم المتحدة، مما يعني أننا نشتغل في إطار قانوني، ولنا دراية بالقوانين الدولية، وعلى المغرب أن يلتزم بها كما التزمنا وسنلتزم بها. هناك من يعتقد أن جبهة البوليساريو قد تقوم بعمل عسكري ضد المغرب، وهذا الخيار جد مستبعد لأننا نشتغل في إطار السلم، لكن إذا تعنت الطرف الآخر، فآنذاك للصحراويين الشرعية التامة للدفاع عن ترابهم وأرضهم.
  
كيف تنظرون إلى العلاقات الدبلوماسية والإنسانية بين الجزائر والصحراء الغربية؟
 منذ أن تأسست جبهة البوليساريو، كان الصحراويون مقتنعين بأن الدول المجاورة ستساندهم من أجل تحرير وطنهم من الاستعمار الإسباني، وللأسف الشديد هذه الدول المجاورة من الشمال ومن الجنوب، هم الذين غزوا المنطقة وشردوا الصحراويين وقتلوهم، والدولة الثالثة المجاورة وهي الشقيقة الجزائر وانطلاقا من مبادئها، هي الدولة الوحيدة في المغرب العربي التي تعرف قيمة الحرية والكرامة الإنسانية، ومن أجل هذه المبادئ، قدم الشعب الجزائري مليون ونصف شهيد من أجل استرجاع استقلال بلاده، ومن المنطق أن يكون موقفها موقفا تضامنيا ومساندا للشعوب التواقة للحرية. ونحن الصحراويون مدينون للجزائر رغم أننا لا نملك ما سنقدمه لها سوى الشكر، كما أن الشعب الصحراوي سيبقى وفيا ومخلصا لهذه العلاقة الأخوية، ونفتخر ونعتز بالشعب الجزائري الأبي، ونشهد على أن الجزائر شعبا ودولة دخلوا في سجل التاريخ من أبوابه الواسعة، وامتلكوا قلوب الصحراويين، في الوقت الذي كانت الدولة المغربية تقصف المدنيين بشتى أنواع الأسلحة. في المقابل، كانت الجزائر تفتح أبوابها لاستقبال اللاجئين الصحراويين ورعايتهم. وهذا الموقف الجزائري، ولله الحمد؛ أثر إيجابا على الأجيال التي ولدت أو ازدادت وترعرعت بمخيمات اللاجئين. وقد أصبحت الجزائر بالنسبة إلى هذه الأجيال مثالا للتضامن والسلام وتحيى الجزائر.
  
- يتهم ضابط المخابرات المغربي السابق، الصحافي الباحث فريد بوكاس على غرار مجموعة من الضباط المنشقين بالعمالة لدى جبهة البوليساريو، ما حقيقة ذلك؟
 التاريخ يشهد على أنه الذي استشهد من أجل الصحراء هم الصحراويون، وليس لدينا عملاء لا من المغرب ولا من خارجه، ونحن أصحاب قضية عادلة ولاشك في قرارات المجتمع المدني الدولي. هناك الآلاف من المتعاطفين مع القضية الصحراوية، وداخل الساحة المغربية هناك أصوات مثقفين مغاربة متضامنين مع مبدأ الشرعية الدولية واحترام حقوق الإنسان، وأظن أن الدولة المغربية وحسب التقارير الدولية معروفة بخرق حقوق الإنسان ببلادها، فما قولنا عن الصحراويين الذين تم تشريدهم واعتقالهم، لا لشيء سوى أنهم يدافعون عن حقوقهم الشرعية. أما ما يتعلق بالأستاذ فريد بوكاس، فالمغاربة أنفسهم يعرفون جيدا مدى نزاهته ودفاعه عن حقوق الإنسان، وعلاقتنا به علاقة أخوية في إطار حقوقي محض، والنظام المغربي معروف باتهام الشرفاء بالعمالة لا لحساب جبهة البوليساريو فحسب وإنما حتى لحساب الجزائر.

- ما المنتظر من المرحلة المقبلة بين المغرب والصحراء الغربية، وهل يمكن اللجوء إلى الخيار العسكري بين البلدين؟
 نحن في جبهة البوليساريو مقتنعنون بمشروعنا الوطني، ومستعدون للتضحية من أجل استقلال بلادنا في حالة تعنت الطرف المغربي الالتزام بالقرارات الدولية كما أشرت إلى ذلك سالفا. والحرب قد استمرت بين الجبهة والمغرب لمدة 17 سنة، والحروب ليست في مصلحة الشعبين، لذا نعمل جاهدين على الوصول لحل سلمي تحت الشرعية الدولية. والشعب الصحراوي شعب مسالم، نحب السلام ونناضل من أجل السلام. فإذا كانت الحرب العسكرية استمرت لمدة 17 سنة، أعتقد أن وقف النار قد مر عليه 23 سنة تقريبا، وهذه الوضعية ـ أقصد وقف النارـ تستغلها الدولة المغربية لفرض وجودها بالمنطقة، ولا شك أنها تغذي جميع العناصر من أجل خلق بلبلة للاستمرار في نزف الثروات التي هي ملك الصحراويين، ومن الأفضل على المغرب أن يدخل من باب التوبة ويشارك في بناء المغرب العربي الكبير ويسمح بتقرير المصير. فالقضية الصحراوية لا رجعة فيها، وجبهة البوليساريو تمثل عنصرا أساسيا في التوازن بالمنطقة والاستقرار والسلم مما يفرض على الجانب المغربي الامتثال للشرعية الدولية.

- هل يمكن الحديث عن دعم إسباني لجبهة البوليساريو في ظل الموقف الذي وصفه قادة من الجبهة بـ"الباهت"؟
 إسبانيا لها واجبات قانونية، دولية وثقافية، وهي المسؤولة الأولى أمام القانون الدولي على أن تستكمل خطوط تصفية الاستعمار، وتشارك بجدية وفعالية من أجل تنظيم الاستفتاء لتقرير مصير الصحراويين. كما نطالب إسبانيا بالالتزام بواجبها أمام المجتمع الدولي. أما ما يتعلق بالمجتمع المدني الإسباني أود أن أكد وبكل صدق وأمانة، أن غالبية الإسبان متضامنين مع قضيتنا بدون شرط أو قيد وبكل حرية. ونذكر على أن الدولة الصحراوية هي الدولة الوحيدة بشمال إفريقيا التي لغتها الثانية هي اللغة الإسبانية.

 - ما سر تشبث الجزائر بموقفها الثابت تجاه الشعب والقضية الصحراويين؟
 كما سبق أن ذكرت سابقا بأن الجزائر دخلت التاريخ من أبوابه الواسعة، وذلك بمواقفها الواضحة والشفافة تجاه جميع الشعوب المقهورة وليس فقط تجاه الشعب الصحراوي، وأود أن أذكركم أنه خلال سنوات السبعينات، كانت الجزائر معروفة دوليا باسم مكة الثوار. لا يوجد شعب كان  مظلوما إلا والجزائر كانت بجانبه من أجل مساندته للتخلص من الاستعمار والظلم وهذا يحسب عليها. والشعب الجزائري معروف عنه بوقوفه ليلا ونهارا ضد الظلم. كما ذكرت في هذه المقابلة، ليس من المعقول أن شعبا قدم المليون والنصف شهيد من أجل الحرية أن لا يصبح مبدأه مقدسا لكل الجزائريين، وانطلاقا من هذا المبدأ المقدس لا يفكر أي نظام في العالم أن يتاجر فيه أو أن يساومه. أما تشبث الجزائر بموقفها تجاه الشعب والقضية الصحراويين، تشبث نابع من شعب مخلص للقضية الإنسانية والأخلاقية، رغم أن هناك جهات تعتقد أن الجزائر لها مآرب أخرى أو مصالح بالمنطقة.