الأحد، 6 يوليو 2014

كل شيء... إلا خيانة الوطن


                                  الرحموني الغيث امبيريك                                    


الفشل يكون دائما حبيس نفس صاحبه التي تحاول قدر المستطاع إخفاءه  عن الناس ، في  زمن  أصبح فيه الخطأ  مباحا و الخيانة وجهة نظر ومبدأ من مبادئ حقوق الإنسان وبوابة (الديمقراطية ).
  الخيانة  صفة نكرة لمن خان الأمانة والعهد  فباء بغضب على غضب ، هي جريمة بشعة  و وشمت عار تلاحق صاحبها، أينما حل وارتحل  وللخيانة أوجه مختلفة ومتعددة ، لكن عندما يتعلق الأمر بالوطن لا فرق بين الخطأ والخيانة لان النتيجة واحدة ،  لا تغتفر ومن يقدم عليها يستحق أقصى العقوبات ، ثمنها  كبير يجب أن يتحمل عبئه من باع ضميره  وأدار ظهره للوطن .
يذكر احد أهل العلم  أن لكل حرف من فعل (خان) معنى وهي : الخاء، من الخنى وهو المقرون بالفعل المخزي، وحرف الألف ، من جذب وهو المخبول الطائش الذي لا يعرف ولا يقدر عواقب الأمور ،حرف النون:من ناقص :و هو النذل الديون ناقص الشرف والكرامة.
بيع الوطن والتأمر عليه ضلال مبين وخيانة عظمى ، اكبر مما تتحمله أي نفس  لان كل عمل مشين يمكن للمرء أن يجد مبررا  لفاعله إلا خيانة الوطن  لا مبرر لها ، قد يلصقها البعض بمفهوم العامية ، فقط  بمن ارتمى  في أحضان  العدو (العائدين) ، لكن ليس هو الخائن الوحيد بل هناك أوجه كثيرة  لممتهني هذه الحرفة المنبوذة  منها : سرقة المال العام ،زرع القبلية ،التأمر على الوطن  ،إفشاء الأسرار العامة ،عدم أداء الواجب كالخدمة الوطنية  ، العمالة  والتجسس ،التقصير في العمل وإهمال الممتلكات العامة  ،وكل ما من شأنه أن يمس بوحدة وامن الوطن ... لغر، ويقول عز وجل "إنا أنزلنا عليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولاتكن للخائنين خصيما"سورة النساء .
الخيانة آفة من الآفات وكارثة من الكوارث، هي عدم المروءة ومن ليست له مروءة يمكن إن يبيع عرضه وشرفه ، لا مبرر لها ولا شفاعة لمرتكبها مهما كانت منزلته  ومهما  كان السبب  الذي يدفع لها فهي في خانة القدر والنفاق، لها وجهان مختلفان قد يستغلهما  الصديق والعدو معا ، قد يمتطيها السياسي الصديق  لتوزيع صكوك الوطنية، وإلصاق التهم بمن يخالفه الرأي ،أو من  اجل منفعة خاصة  ،   أما استغلال العدو لها فلا يعد و لا يحصى  وتضاعف الكارثة إذا كان من يخون  لا يدري انه خان ولا يحس بقذارة الوحل الذي غرق فيه .  
 قد نختلف في أفكارنا و مصالحنا  وقد نختلف مع الزعيم الأوحد  ونمقته ونمقت  حكومته ، وقد يظلمنا  من يسيرون شؤون بلادنا و أبناء جلدتنا، لكن الوطن لا يظلم أبنائه وما من عرف أو دين يبرر خيانته , ومرتكبها ستناله يد العدالة في يوم من الأيام وسيلحق العار بنفسه و بكل من حوله  بنظرات الناس لهم ، لكن للأسف هناك من يرضون لأنفسهم بيع الضمير والشرف  والتعاون مع أعداء الوطن والتاريخ والحقيقة ، لينالوا الخسران  والعار والخجل في الدنيا والأخيرة، رؤوسهم مشدودة إلى الأرض كالنعاج .
 ثمن الخيانة كبير والارتماء في أحضان العدو سقوط حروانتحار لا مبرر له  ، ومن تخون وطنك لصالحهم ينظرون إليك كشخص حقير تافه ،لا يثقون  بك ولا يحترمونك ، من يبيع وطنه قد يبيع أوطان الأخريين ،أين آنت من ذلك الشهيد  الذي ضحى بنفسه في سبيل رفعة شأن وطنه ليقدوا بطلا شهيدا شامخا كالجبال.
كلمة الوطن جامعة لمعاني كثيرة لا يمكن حصرها ، والمعنى الكامل الذي يتفق الجميع عليه هو أن الوطن عبارة عن المكان الذي تحفظ فيه الكرامة  ويصان فيه العرض ، إن حب الوطن من الأمور الفطرية ، فليس غريبا إن يحب الإنسان وطنه الذي نشأ على أرضه وشب على ثراه ، وترعرع بين جنباته  لكن الغريب والضال والغير مقبول خيانته، يذهب كل شيء ويبقى الوطن .

عندما نرى وفاء الحيوان يصعب علينا حال البشر ،حب الوطن فرض والدفاع عنه شرق  و وطن لا تحميه لا يحق لك  أن تعيش فيه.