طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ما دعا لله داعي
في حدود الساعة السابعة والنصف من مساء يومٍ من أيام مخيم دائرة الجريفية غرب مخيم ولاية الداخلة بمخيمات الاجئين الصحراويين جنوب غرب الجزائر و أثناء غروب شمس ذاك اليوم المذكور كنا قد انتهينا من لعب كرة القدم بين تلك الكثبان
توجهنا حينها في إتجاه المخيم فإذا بنسوة واقفات علئ قمة كثيب ينظرون في إتجاه الغرب يبحثون عن رؤية الهلال بين خيوط إختلاف الليل و النهار و تلة نقطة المراقبة الغربية للولاية ( كونطرو الجريفية ) سرنا في طريقنا نحوئ المخيم و ما إن وصلنا فإذا بعامة الناس تقف بين الخيم و بيوت الطوب توجه انظارها نحو الغرب و تبحث عن أي مرتفع بين الخيم و منهم من تسلق جدران الطوب لكي يبحث بدوره عن هلال مازال يرافقه الشك في نفوس الناظرين
توقفنا عند إحدئ العائلات لنسئل ابنها عن حقيقة هذا المشهد الغريب ليجيبنا صديقنا هذا بأن ما تقوم به عائلته هو البحث عن الهلال لان رمضان من الممكن أن يكون غداً لنبدئ نحن أيضاً في المشاركة في البحث عن هذا الهلال او القمر كما اوضحت لنا جدة الزميل
الكل ينظر نحوئ الأتجاه المحدد من طرف الجدة شيب و شباب و ماهي إلا دقائق حتئ أذن أحد الجيران وهو واقف علئ كثيب رملي محاذي لخيمته بأنه رأه لتندفع بقية الجيران نحوه ليحدد لها مكان ذاك الهلال المختبي بين خيوط ما تبقئ من غروب الشمس و شروقه
و مع تزايد عدد من شاهدو ذاك الهلال المختبي و تحديد مكانه للاخرين تأكدت رؤية الهلال و أعلن بذالك عن دخول شهر رمضان جديد في مخيم دائرة الجريفية
كان ذالك في شهر يناير من إحدئ سنوات الصمود ، برد و صياح و صمت لا يكسره سوئ هجيج الرياح و هدؤ لم أرئ مثله بعد ذاك الزمن الجميل بين خيمة أهلي و ملعب الكثيب و مرابع الصبئ و قصصٌ للجدة في لليل المخيم الطويل و قبلتها لي في شمس كل صباح،
هكذا أتذكر تلك الايام و الليالي الرمضانية بعد حوالي ١٧ ربيع من الآن ...لليلُ طويل تبدئ أولئ طقوسه بعد سماع الجرس ( جرس عمار ) عمار هو مواطن من دائرة الجريفية جزاه الله خير كان لديه إطار عجلة سيارة و يقوم بضربه بجسم حديدي آخر مما يؤدي إلئ إصدار صوت رنان يفهم منه سكان دائرة الجريفية المعنئ المقصود الأفطار أو الأمساك وبعد سماع صوت هذا الجرس عند غروب الشمس و علئ انغام الاذاعة الوطنية تبدئ وجبة الأفطار التي عادتاً ما تجتمع فيها الجيران و خاصتاً الرجال منهم
تمر و حساء و شاي و وجبات تقليدية أصيلة من ما رزق الله لعباده علئ ظهر لحمادة لا أجودَ للحلويات و لا للمشروبات و لا لأي وجبة دخيلة علئ الاطعمة الصحراوية بعدها إن لم تخني الذاكرة تتوجه المؤمنين إلئ المصلئ المحاذي لمبنئ الادارة ليقيم صلاة التراويح المرحوم بأذن الله تعالئ الامام و قاضي الدائرة أنذاك( م- س) وبعد صلاة التراويح تجتمع الجيران في مشهد قل نظيره في هذا الزمن لتقوم بتحضير لوجبة الشاي الثانية بعدها تقدم لهم وجبة العشاء فما تقوم النساء بتحضير لوجبة الصحور التي ستعلن بجرس عمار كالعادة و تجتمع فيها الجيران أيضاً كما لا انسئ في تلك الليالي القارسة شربهم للكندرا بعد الشاي
اما يوم ذاك الشهر الفضيل فهو قصير بعض الشي لكونه يوم شتوي كانت الرجال تقضيه بين أوكار ظامة عند حراسة الدائرة و بعض خيم كبار السن فما تقضيه نسوة المخيم في لعب السيڨ قبل الالوج في ساعات الظهر الاخيرة الئ خيمهم لتحضير وجبة الافطار و إستكمال بعض الواجبات المنزلية اليومية
أما نحن أطفال ذاك الزمن فكنئ وبعد عودتنئ من المدرسة ولاننا لا ندرس في الفترة المسائية فنتفرق إلئ العب في كنف عالم الكثبان الرملية فتارتاً نلعب كرة القدم و تارتاً أخرئ نتسحلق تلك الرمال بلوحات بلاستيكية نركبها في قمة الكثيب فتنزلنا إلئ أسفله بسرعة فائقة فنعاود الكرة من جديد حتئ يتقلب علينا التعب فنعود إلئ رحاب المخيم مع غروب شمسه و بداية هبوب برده الغربي القارس فنجد الاهل و الجيران مجتمعون علئ صينية الشاي عليها نوعين من الشاي أحمر و أبيض في صورة واضحة لتقليد الاباء و الاجداد فشاي الاحمر هو الشاي العادي اما الابيض فهو الشاي العادي باللبن و يدعئ في الحسانية ب الكنضرا
أما اليوم وبعد حوالي ١٧ سنة من هذه الذكريات الجميلة يهل بدر رمضان علئ تلك الربوع في أخر أيام أجوان مقتحماً شهر اجويلية القاهر للطبيعة في تلك الصحاري و مطهد كل معالم الحياة في تلك الخيام ، ليس رمضان وحده من تغيرت معالمه بل كل شئ تغير هناك
فلكثيب الذي كنا نشاهد من علئ قمته الهلال في ذاك المساء الهادي تغير و استبدل لله الحمد بلهواتف و التليفيزونات لمشاهدة الهلال من جدة الئ أنواكشوط اما اجهزة المذياع المسكينة ناقلة صوت الاذاعة الوطنية فهي الاخرئ اصبحة في سجل العابرين للتاريخ لتكتفي الاهالي بعناوين قناة الجزيرة قتل وجرح ونفيئ و أُعتقل و خطف قبل ان تلهيهم مسلسلات الحب و السلام
لا اجود لجماعة ظامة و لا حتئ لنسوة يلعبن السيڨ في إحدئ الخيم و لا لوجبة إفطار جماعية تسبقها نيران افرنة مشتعلة امام الخيمة في إنتظار سماع جرس عمار و تأكيد الاذاعة
لا اجود للوجبات التقليدية لا اجود لرائحة دقيق القمح يفوح من عدة وجبات حُضرت للأفطار
لأ أجود لذاك الفضاء الطيب تفوح منه رائحة مسائية لرمضان و تصبح عليه مع شمس كل صباح صيحات الجدة تنادي عند باب خيمتها ...أتغراوووووووين يا لمعايل... لترسم البسمة علئ أجود أطفال المخيم
لأ أجود لصلاة التراويح الجماعية صفوف من المؤمنين و المؤمينات من خلفهم يؤدون صلاة التراويح عند مقر الادارة و خلف المقاتل الأمام و القاضي في نفس الوقت بعيداَ عن تيارات الأدولوجيات الدينية و معالمها فلكل لباسه صحراوي أصيل و أفعاله منبعها الدين و التقاليد الصحراوية الأصيلة
لأ أجود للباس الابيض و لا للفكر المتطرف و لا لتكفيريين لأ أجود للمتربجات و لا للمتبرجين لا أجود لكارثة حلاقة الراس الشبابية و لا فكر للعولمة هناك فلكل مؤمنين بالله وحده
أما اليوم و مع قدوم شهر الرحمة في موسم الصيف و بعد تسونامي العولمة الذي ضرب المخيم و هبوب عواصف الفكر المتشدد و أمطار التطور و الحداثة
يجد الصائم نفسه في تلك الاوكار حبيس شمس يوم طويل من أيام الصيف لحمادة و تحت ضغط أفكار و فتاوئ ألآمة الجدد و بين أريفي الطبيعة و رياح العولمة و الحداثة و التطور.
في الأخير لا يسعني إلا أن أدعو الله عز وجل أن يفرج كرب كل المؤمنين و أن ينهي معاناتهم و أن يجعل هذا الشهر الكريم شهر بركة و خير و أن تمطر سحاب الرحمة علئ تلك الربوع لتثلج قلوب أحبة لي في الله أراد لهم القدر أن يكررو الصيام للمرة التاسعة و الثلاثين علئ ظهر لحمادة
أسلوت أمحمد سيد أحمد
في حدود الساعة السابعة والنصف من مساء يومٍ من أيام مخيم دائرة الجريفية غرب مخيم ولاية الداخلة بمخيمات الاجئين الصحراويين جنوب غرب الجزائر و أثناء غروب شمس ذاك اليوم المذكور كنا قد انتهينا من لعب كرة القدم بين تلك الكثبان
توجهنا حينها في إتجاه المخيم فإذا بنسوة واقفات علئ قمة كثيب ينظرون في إتجاه الغرب يبحثون عن رؤية الهلال بين خيوط إختلاف الليل و النهار و تلة نقطة المراقبة الغربية للولاية ( كونطرو الجريفية ) سرنا في طريقنا نحوئ المخيم و ما إن وصلنا فإذا بعامة الناس تقف بين الخيم و بيوت الطوب توجه انظارها نحو الغرب و تبحث عن أي مرتفع بين الخيم و منهم من تسلق جدران الطوب لكي يبحث بدوره عن هلال مازال يرافقه الشك في نفوس الناظرين
توقفنا عند إحدئ العائلات لنسئل ابنها عن حقيقة هذا المشهد الغريب ليجيبنا صديقنا هذا بأن ما تقوم به عائلته هو البحث عن الهلال لان رمضان من الممكن أن يكون غداً لنبدئ نحن أيضاً في المشاركة في البحث عن هذا الهلال او القمر كما اوضحت لنا جدة الزميل
الكل ينظر نحوئ الأتجاه المحدد من طرف الجدة شيب و شباب و ماهي إلا دقائق حتئ أذن أحد الجيران وهو واقف علئ كثيب رملي محاذي لخيمته بأنه رأه لتندفع بقية الجيران نحوه ليحدد لها مكان ذاك الهلال المختبي بين خيوط ما تبقئ من غروب الشمس و شروقه
و مع تزايد عدد من شاهدو ذاك الهلال المختبي و تحديد مكانه للاخرين تأكدت رؤية الهلال و أعلن بذالك عن دخول شهر رمضان جديد في مخيم دائرة الجريفية
كان ذالك في شهر يناير من إحدئ سنوات الصمود ، برد و صياح و صمت لا يكسره سوئ هجيج الرياح و هدؤ لم أرئ مثله بعد ذاك الزمن الجميل بين خيمة أهلي و ملعب الكثيب و مرابع الصبئ و قصصٌ للجدة في لليل المخيم الطويل و قبلتها لي في شمس كل صباح،
هكذا أتذكر تلك الايام و الليالي الرمضانية بعد حوالي ١٧ ربيع من الآن ...لليلُ طويل تبدئ أولئ طقوسه بعد سماع الجرس ( جرس عمار ) عمار هو مواطن من دائرة الجريفية جزاه الله خير كان لديه إطار عجلة سيارة و يقوم بضربه بجسم حديدي آخر مما يؤدي إلئ إصدار صوت رنان يفهم منه سكان دائرة الجريفية المعنئ المقصود الأفطار أو الأمساك وبعد سماع صوت هذا الجرس عند غروب الشمس و علئ انغام الاذاعة الوطنية تبدئ وجبة الأفطار التي عادتاً ما تجتمع فيها الجيران و خاصتاً الرجال منهم
تمر و حساء و شاي و وجبات تقليدية أصيلة من ما رزق الله لعباده علئ ظهر لحمادة لا أجودَ للحلويات و لا للمشروبات و لا لأي وجبة دخيلة علئ الاطعمة الصحراوية بعدها إن لم تخني الذاكرة تتوجه المؤمنين إلئ المصلئ المحاذي لمبنئ الادارة ليقيم صلاة التراويح المرحوم بأذن الله تعالئ الامام و قاضي الدائرة أنذاك( م- س) وبعد صلاة التراويح تجتمع الجيران في مشهد قل نظيره في هذا الزمن لتقوم بتحضير لوجبة الشاي الثانية بعدها تقدم لهم وجبة العشاء فما تقوم النساء بتحضير لوجبة الصحور التي ستعلن بجرس عمار كالعادة و تجتمع فيها الجيران أيضاً كما لا انسئ في تلك الليالي القارسة شربهم للكندرا بعد الشاي
اما يوم ذاك الشهر الفضيل فهو قصير بعض الشي لكونه يوم شتوي كانت الرجال تقضيه بين أوكار ظامة عند حراسة الدائرة و بعض خيم كبار السن فما تقضيه نسوة المخيم في لعب السيڨ قبل الالوج في ساعات الظهر الاخيرة الئ خيمهم لتحضير وجبة الافطار و إستكمال بعض الواجبات المنزلية اليومية
أما نحن أطفال ذاك الزمن فكنئ وبعد عودتنئ من المدرسة ولاننا لا ندرس في الفترة المسائية فنتفرق إلئ العب في كنف عالم الكثبان الرملية فتارتاً نلعب كرة القدم و تارتاً أخرئ نتسحلق تلك الرمال بلوحات بلاستيكية نركبها في قمة الكثيب فتنزلنا إلئ أسفله بسرعة فائقة فنعاود الكرة من جديد حتئ يتقلب علينا التعب فنعود إلئ رحاب المخيم مع غروب شمسه و بداية هبوب برده الغربي القارس فنجد الاهل و الجيران مجتمعون علئ صينية الشاي عليها نوعين من الشاي أحمر و أبيض في صورة واضحة لتقليد الاباء و الاجداد فشاي الاحمر هو الشاي العادي اما الابيض فهو الشاي العادي باللبن و يدعئ في الحسانية ب الكنضرا
أما اليوم وبعد حوالي ١٧ سنة من هذه الذكريات الجميلة يهل بدر رمضان علئ تلك الربوع في أخر أيام أجوان مقتحماً شهر اجويلية القاهر للطبيعة في تلك الصحاري و مطهد كل معالم الحياة في تلك الخيام ، ليس رمضان وحده من تغيرت معالمه بل كل شئ تغير هناك
فلكثيب الذي كنا نشاهد من علئ قمته الهلال في ذاك المساء الهادي تغير و استبدل لله الحمد بلهواتف و التليفيزونات لمشاهدة الهلال من جدة الئ أنواكشوط اما اجهزة المذياع المسكينة ناقلة صوت الاذاعة الوطنية فهي الاخرئ اصبحة في سجل العابرين للتاريخ لتكتفي الاهالي بعناوين قناة الجزيرة قتل وجرح ونفيئ و أُعتقل و خطف قبل ان تلهيهم مسلسلات الحب و السلام
لا اجود لجماعة ظامة و لا حتئ لنسوة يلعبن السيڨ في إحدئ الخيم و لا لوجبة إفطار جماعية تسبقها نيران افرنة مشتعلة امام الخيمة في إنتظار سماع جرس عمار و تأكيد الاذاعة
لا اجود للوجبات التقليدية لا اجود لرائحة دقيق القمح يفوح من عدة وجبات حُضرت للأفطار
لأ أجود لذاك الفضاء الطيب تفوح منه رائحة مسائية لرمضان و تصبح عليه مع شمس كل صباح صيحات الجدة تنادي عند باب خيمتها ...أتغراوووووووين يا لمعايل... لترسم البسمة علئ أجود أطفال المخيم
لأ أجود لصلاة التراويح الجماعية صفوف من المؤمنين و المؤمينات من خلفهم يؤدون صلاة التراويح عند مقر الادارة و خلف المقاتل الأمام و القاضي في نفس الوقت بعيداَ عن تيارات الأدولوجيات الدينية و معالمها فلكل لباسه صحراوي أصيل و أفعاله منبعها الدين و التقاليد الصحراوية الأصيلة
لأ أجود للباس الابيض و لا للفكر المتطرف و لا لتكفيريين لأ أجود للمتربجات و لا للمتبرجين لا أجود لكارثة حلاقة الراس الشبابية و لا فكر للعولمة هناك فلكل مؤمنين بالله وحده
أما اليوم و مع قدوم شهر الرحمة في موسم الصيف و بعد تسونامي العولمة الذي ضرب المخيم و هبوب عواصف الفكر المتشدد و أمطار التطور و الحداثة
يجد الصائم نفسه في تلك الاوكار حبيس شمس يوم طويل من أيام الصيف لحمادة و تحت ضغط أفكار و فتاوئ ألآمة الجدد و بين أريفي الطبيعة و رياح العولمة و الحداثة و التطور.
في الأخير لا يسعني إلا أن أدعو الله عز وجل أن يفرج كرب كل المؤمنين و أن ينهي معاناتهم و أن يجعل هذا الشهر الكريم شهر بركة و خير و أن تمطر سحاب الرحمة علئ تلك الربوع لتثلج قلوب أحبة لي في الله أراد لهم القدر أن يكررو الصيام للمرة التاسعة و الثلاثين علئ ظهر لحمادة
أسلوت أمحمد سيد أحمد