السبت، 31 مايو 2014

المرفوض يحدث في مورثيا

حدمين مولود سعيد
بقلم: حدامين مولود سعيد

ترجمة:المحفوظ محمد لمين بشري.
في صائفة 1977 كانت مركزية البوليساريو تستقبل خلال شهر كامل بلغات عسكرية تتحدث عن معارك و أقصاف في الشرق و الجنوب الشرقي لموريتانيا، هذه البلغات القادمة من وحداتنا في منطقة “الحنك” (الشكًات)، و مُوقّعة من طرف نفس الشخص أثارت الشكوك لدى قيادتنا السياسية التي لم تتوانى في إرسال لجنة تفتيش لتلك الوحدة العسكرية.و عندما وصلت لجنة التفتيش إلى ذلك المكان ، تحققت من بطلان تلك البلغات العسكرية التي كانت تصل إلى “الرابوني” لمدة شهر كامل و التي كان هدفها أن تُنقل عبر الإذاعة الوطنية،لتمجيد من كان يُعتقد أنه يقوم بتلك الملاحم و البطولات. في الواقع، لقد تعاملت قيادتنا مع تلك القضية بحزم و إتخذت إجرائآت جد صارمة في تلك القضية، لقد تم إبعاد المسؤول عنها من مهمته وقد تم فصله من المؤسسة العسكرية وكذالك، منعه من تقلد أي منصب عمومي. قيل فيما بعد، أنه ذهب ليعمل على حسابه الشخصي بمدينة “تندوف”.
في يومنا هذا، إذا تمكنت من الظهور على شاشة التلفزيون الوطني أو على صفحات وكالة الأنباء بمعدل ثلاث مرات في الشهر،حتى و إن كنت فاشلا في عملك، فإنك ستضمن أن يُذكر إسمك و يُشاد بجهودك في ندوة الخارجية بالرابوني.
القيام بحشد 18 شخصا قادمين من (العيون المحتلة، آسا، مخيمات اللاجئين، فيتوريا، بلد الوليد، مدريد، الباثيتي، فالينثيا و مورثيا) في مدينة قرطاجنة الإسبانية من أجل عدم فعل أي شيء بإستثناء الظهور في شاشة التلفزيون الوطني أو على صفحات وكالة الأنباء أو المستقبل الصحراوي لديه نتيجته، هذه النتيجة هي ببساطة أن يُشاد بك في الندوة القادمة للشؤون الخارجية.
تبذير المال العام، سواء كان مصدره الصناديق المشوهة للمكتب بمدريد، أو المخازن الأقل شوهة لأحدى الوزارات، من أجل تغطية أعباء الرحلات من مدريد أو من المخيمات من أجل عمل هزيل كهذا إنه أمر مؤسف، و لكن أن يتحمل ناشط حقوقي،لازال جسمه يعاني تبعات و مخلفات سجون الإحتلال، ستون ساعة كاملة على متن الحافلة بالأضافة إلى تكفله بتكاليف سفره من ماله الخاص فهذا ببساطة أمر مخز.
و لكن المسؤول عن هذه الفعلة يمكنه أن يكون مرتاحاً، فإن الشكوات المتتالية التي تقدمها جمعيات الصداقة في منطقته لن تأدي يوماً لإرسال بعثة تفتيش كما أنه لن يتم إستدعاءه للرابوني، نسبة ظهوره على صفحات وكالة الأنباء تضمن له الإشادة العلنية و العرفان بالمجهودات في ندوة الخارجية المقبلة.
و في المقابل، فإن عمل و عرق و تضحية جاليتنا ب “قرطاجنة” و سخاءهم بما يملكون، من خلال توفير سياراتهم لنقل الضيوف مجانا و الإعداد المتواصل للشاي و فتح منازلهم لإطعام و إيواء عشرة أشخاص او اكثر من القادمين عليهم، كل هذا سينضاف إلى تمجيد “القائمين على العمل” دون حتى أن يُشار إلى هذه الأعمال في قصاصة الخبر.
مما يصعب تصديقه في الواقع أن يمر ما يسمى عبثا “أيام جامعية للتحسيس بقضية الشعب الصحراوي” من غير أن يشار إليها في وسائل الإعلام المحلية، و على نقيض ذلك أن يحظى بتغطية إعلامية ممتازة من قبل وسائل إعلامنا نحن، حتى أننا أصبحنا لا ندري هل نعمل من أجل تحسيس شباب و طلبة جامعة “قرطاجنة” أو من أجل ملأ صفحات وسائل إعلامنا الوطنية؟! في ظل الحضور المكثف للإعلاميين الصحراويين فإن الإحتمال الثاني هو الأقرب إلى الواقع. و بالفعل فما دام “مكتب مدريد” يصرف بسخاء دون أي محاسبة، فإن كل شيء ممكن.
الفشل الفعلي و الحقيقي لهذه “الأيام التحسيسية” يسيئ لسمعة القضية التي نكافح من أجلها. في الفترة الصباحية ، تم حفل الإفتتاح و كلمات السلطات من دون منصة شرفية و من دون حتى ميكروفون، كما أن الصورة التي نشرت في وكالة الأنباء تظهر الحضور المحتشم لحفل إفتتاح هذه الايام إذا ما أخذنا بعين الإعتبار أن الصورة إلتقطت جميع الحضور بإستثناء ثلاثة أشخاص أو أربعة و الذين لم يكونوا متواجدين في الخيمة أثناء إلتقاط الصورة. في المساء، نظراً للغياب الكلي للجمهور إضطر المنظمين إلى إلغاء برنامج الفترة المسائية و الذي كان من المفترض أن تكون فيه مداخلة وزيرة الثقافة. لنفس السبب كذلك تم إلغاء محاضرة كان من المفترض أن تلقيها أستاذة في القانون الدستوري و السياسي من جامعة مورثيا، الشيء نفسه وقع مع محاضرة عن “دور المرأة الصحراوية في الكفاح” و التي كان من المفترض أن تأطرها ممثلة الإتحاد الوطني للمرأة الصحراوية بإسبانيا.
يوم الأربعاء 28 ماي لم يكن أفضل من سابقه، حيث تم إلغاء كل المحاضرات و المداخلات التي كانت قد برمجت سلفا كمحاضرات كل من “كونشي مويا”، “باهية أواه”، “فيليبي بريونيس”، “خوسي تابوادا”، “مصطفى عبد الدائم” …. إلخ.
عندما يلتزم ممثل صحراوي بتسديد تكاليف سفر لأعضاء فرقة موسيقية قادمة من “فيتوريا” أو “بلد الوليد”، و في المقابل يواجه النشطاء القادمين من آسا أو العيون المحتلة بالقول أن عليهم التكفل بتكاليف سفرهم من “جيوبهم” فإن هذا الممثل لا يعرف نظام الأولويات. و بصراحة فإننا كنا نعتقد أن ممثلينا يعرفون جيداً ما هي الأولويات في هذه الفترة من كفاحنا. اللهم إلا إذا كان بعض ممثلينا يتصرف بنية مبيتة تتغذى من دوافع ذاتية منحرفة، حيث تصبح إمكانية الحصول على التأشيرة “الفيزا” او إمكانية فحوص طبية “طعماً” لإستداج الناس و على نفقتهم الخاصة، دون ان يُكلف الأمر الممثل سنتاً واحداً. كل هذا امام أعين أحد أعضاء الأمانة الوطنية، الذي عليه أن يحضر هذا المشهد دون أن يمكن له القيام بأي شيء.
على كل حال، فإن الجهل و إنعدام الرؤية الصائبة لدى بعض ممثلينا في اسبانيا قد تؤدي بنا إلى خطر تقديم و بشكل مجاني مادة إعلامية دسمة لوسائل إعلام العدو، شاء الله أن لا يحدث ذلك هذه المرة، و لكن كان من الممكن أن تقوم إحدى وسائل الإعلام المغربية بنشر خبر على شاكلة “طلبة جامعة مورثيا يرفضون الوزيرة ’الانفصالية’ بتركها لوحدها في المحاضرة”.
في الأخير، أكيد أن التلفزيون الوطني و وكالة الأنباء سيواصلان ايفاءنا بالأخبار.
ملاحظة: للؤقوف على حجم الكارثة يمكن مطالعة البرنامج الذي نشره موقعOIRAMEOP
http://poemariosaharalibre.blogspot.com.es/2014/05/cartagena-jornadas-universitarias-sobre.html