الجمعة، 10 مايو 2013

الانتفاضة: الانجاز الذي حرك المياه الراكدة


بقلم: محمد لبات مصطفى
في ظل صمت عربي واسلامي غائب أو متواطئ، ودولي متآمر تقوده فرنسا، لم تتحجج جماهير الشعب الصحراوي في 
المدن المحتلة وجنوب المغرب، بصعوبة الظروف، ولا بدموية قوات الاحتلال، وعنجهية أعوانه . ولم ينتظروا أن يمن عليهم أحد بتحرير بلادهم وهم قاعدون، فالله سبحانه وتعالى لا يسمع من ساكت، ولا ينصر من لا ينصره، ولا يحرر أوطانا محتلة إلاّ بالكفاح والمقاومة ولذلك هبوا وانتفضوا، وسقطوا شهداء، ومنهم مئات المفقودين، والأسرى ، والمعتقلين، والمعطوبين...

ورغم انه في العقدين الماضيين، لم تتحقق انجازات كبيرة، على مستوى الداخل )في ديار اللجوء( باتجاه بلوغ التعبئة الشعبية الشاملة للدفاع عن الوطن، ومن يعيش عليه من مواطنين، الا ان لانتفاضة التي من بها الله علينا، قد كسرت، الى الأبد، السلبية والمخاوف، وكانت بحق الانجاز الذي حرك المياه الراكدة، وقوبل بالتضامن الواسع، من جانب كل فئات الشعب الصحراوي، وفي مختلف مناطق تواجداته، وأظهرت بما لا يدع مجالا للشك ان أمورًا كثيرة قد استجدت على الساحة الوطنية، لصالح تعزيز قدرات المقاومة في مواجهة البطش، والعدوان، والاحتلال العسكري لبلادنا.

انتفاضة الجماهير في الداخل، أظهرت انه ما عاد ممكنا إلغاء دورها، أو تغييبها عن الفعل الميداني، والمشاركة في تقرير مصيرها بنفسها، بل انها قد تحولت من موقع المفعول بها، إلى دور الفاعل الأساسي في محاصرة العدو، وفي التغيير والحراك، وتعرية سلطات الاحتلال، وجوقة أحزابه وصحفه، التي تعتمد الدعاية المغرضة، وتستخدم الخطاب السياسي الرخيص، والشعار المضلل الذي ترفعه الداخلية، وبعض الجهات الأمنية، للتشهير بنشطاء حقوق الانسان الذين نجحوا في كسر المأزق الدبلوماسي، وتحسين وضعنا التفاوضي، في اطار تسوية سلمية ممكنة لن تكون اكثر تواضعا من التحرير الكامل.

الشعب الصحراوي الذي نصفه تحت الاحتلال ونصفه الآخر مهجرا قسرا خارج وطنه، مدين باعتزاز لتلك الوقفات الوطنية المشهودة التي التي سجلها التاريخ للجماهير في الداخل وجنوب المغرب، تلك الجماهير التي صلبت موقفها، ووضحته، ورفعته عاليا، وعلى رؤوس الأشهاد، حتى لا يكون صوت "خليفة" أو "شيخ" أو "قائد" أو "عامل" أو "عميل" أو "والي" أو "تالي" ...أكثر من صوت موظف في سلطة الاحتلال العاجزة . يشترك معها بؤس المواقف ، و يتقاسم معها لعنة الأجيال، وحكم التاريخ ، بدروسه المفيدة التي علمتنا انه " يبر فم الجرح ما برات كلمة العار" كما علمتنا ان التسامح والرفق بالمرأة كانا دوما من الأعراف، والتقاليد، والقوانين غير المكتوبة التي حفظها المجتمع الحساني عن ظهر قلب.

يصاب المراقب بالازدراء، ويعتريه الاحتقار والتقزز، وهو يتابع هذة الأيام، مشاهد تستدعي الشفقة من شبان وشيوخ ونساء من أبناء جلدتنا في المدن المحتلة، يمارسون بدون خجل البهلوانيات؟ وهم يحاولون مغالطة الرأي العام الوطني والدولي، لطمس معالم الجريمة التى ترتكبها أجهزة المخزن في حق المتظاهرين العزل، وثقها النشطاء، وتناقلتها وسائل الاعلام المحايدة بالصوت والصورة؟

هذا الفعل المشين المتمثل في قلب الحقائق، لا يمكن أن يعني سوى طعن الجماهير من الخلف؟. ذلك لأن التعاون السياسي والأمني مع العدو، قد يتجاوز قبول "اتمعييش" والارتزاق منه؟. بل انه عمل، يسيء إلى سمعة الشعب الصحراوي والدماء العزيرة والعزيزة التي سالت في ربوع الوطن.

الواقع الموضوعي للشعب الصحراوي، يقول بترابط حقوق هذا الشعب وقضاياه، في مناطق انتشاره كافة، وفي محيط بات مرشحا لانزلاقات كبيرة؟ وبالتالي فلا يمكن لأي عقل سياسي أن يتصور أن تلتهب الأمور في المدن المحتلة ويبقى الوضع في الأراضي المحررة هادئاً؟ والعكس صحيح. فالخطر واحد؟ وجموع الصحراويين باتت تعرف طريقها للدفاع عن كرامة شعبها، بقي أن نقول ان طول النفس، وامتداد المواجهة، عناصر مطلوبة لمواصلة مفاجأة وصعق مخيلة الغزاة، ولرفع الظلم و"الحكرة" ولاستمرارية وديمومة نضالات جماهير شعبنا التي تحتفل غدا بالذكرى الأربعين لتأسيس حاضنة الكفاح والشرعية الجبهة الشعبية .
كل الوطن أو الشهادة