الجمعة، 3 مايو 2013

معاناة تؤكدها الوقائع و تجملها حكومات المغرب العربي ..


 روبرتاج الصحافية عزة القربي 
معاناة تؤكدها الوقائع و تجملها حكومات المغرب العربي ..
بين وجع الأطفال و نضال النساء يضل الاستقلال رهان لاجئ الصحراء..
شهادات حية تؤكد المعاناة ..
                   
إني مندوب جرح لا يساوم ، علمتني ضربة الجلاد أن امشي على جرحي و أقاوم .. ثم امشي و أمشي و أقاوم..ألا يا عدو الشمس لن استسلم لن أساوم، سماسرة التاريخ باعوا الوطن و اقتسموا بينهم الثمن. وحده النخل يموت واقفا لكن الزيتون لا يموت..أبيات لمحمود درويش أحسست أنها الوحيدة القادرة على التعبير على المرأة الصحراوية و على تجسيد المقاومة و نضالها في سبيل تحرير وطنها في زيارتنا الأولى لمخيمات اللاجئين "بتندوف" .. زيارة بقي منها في الذاكرة الابتسامة العذبة على وجه المرأة الصحراوية و هي في قمة الألم،إنه الصبر والصمود إنها المدرسة التي يتعلم منها الرجال النضال الصحراوي، حين تقف دون أن يزعزعها سياط العدو أو عتاده أو كثرة جنده..
قضية عالقة...
حقيقة لا زالت القضية الصحراوية غير مفهومة تقريبا لدى عامة الناس وشبه مغيبة عن الرأي العام التونسي بسبب التضييقات السياسية في مجال الحريات و حقوق الإنسان التي كانت تعيشها تونس تحت لواء النظام السابق.
هذا ما لمسناه خلال زيارتنا في إطار الندوة العالمية الثالثة لدعم مقاومة المرأة الصحراوية المنظمة من طرف اتحاد النساء الصحراويات تحت شعار "وضعية و حق المرأة الصحراوية في المقاومة" التي افتتحت أشغالها صبيحة يوم الجمعة الفارط في مخيم "السمارة" رفقة 135 مشارك قدموا من القارات الخمسة.
و حيث تم استقبال الوفد بكل بحفاوة من طرف الأهالي و كانت وجوهم و عينوهم و شعاراتهم المرفوعة كلها عزم و تصميم على حقهم في تقرير مصيرهم و الظفر باستقلالهم.
نساء المخيمات ..
مخيمات العزة و الكرامة في تندوف تعيش فيها المرأة الصحراوية في قمة الاحتقار و المهانة نظرا للوضع المزري ، إضافة إلى قساوة المناخ الحار بالصحراء و انعدام الماء و الكهرباء، فضلا عن الإجرام الممارس في حقها  خاصة و أن معظم نساء "تندوف" ثكالى نظرا لسلبهن فلذات أكبادهن من أحضانهم بالقوة وتهجيرهم إلى دول الجوار في تحد صارخ للمواثيق و المعهدات الدولية ، و ما رأيناه عن قرب يجعلنا نقر انه لا يوجد مكان آخر في العالم يهين ويجرح المرأة كما هو الحال داخل مخيمات تندوف، وعلى الرغم من هذه المعاناة بقيت المرأة الصحراوية صامدة في وجه كل هذه التحديات تعاني في صمت تحت رحمة الحصار الظالم المفروض غصبا.
جدار العار ..
كنا نظن جازمين انه لا يوجد جدار عازل في العالم غير جدار الذي بني في فلسطين لكن نسخة عنه موجودة في الصحراء الغربية في صورة أبشع و أكثر إهانة  فقد أقيم منذ سنة 1980 لعزل العائلات الصحراوية و تقسيمها...هذا الجدار الممتد على مسافة تفوق ال 2400 كلم  و الذي يمثل جريمة في حق الإنسانية ذهب ضحيته العديد من البشر الأبرياء إذ يشكل خطرا حقيقيا على البيئة بما يحتويه من ألغام ومتفجرات وأسلاك شائكة وحواجز رملية .
كما اطلعنا خلال زيارتنا لهذا المكان على كل أشكال التعذيب و العنف الممارس ضد الصحراويين من طرف قوات امن المحتل و كذلك حول أعمال القمع ضد "انتفاضة" الصحراويين في 1992 و 1999 و 2005.
طفولة صامدة رغم البؤس ..
يعيش أطفال المخيمات ظروفا إنسانية سيئة لا تتناسب والحياة الآدمية، لكنهم صامدون كالجبال ،لا تنحني لهم قامة أطفال ولكنهم رجال، أجسادهم أجساد أطفال وعقولهم عقول رجال يدافعون عن الكرامة و الحرية ومصرين على انه لن يهدا لهم بال إلا بنيل الاستقلال.
و لمسنا هذه الجرأة في حديثنا مع هؤلاء الأطفال الذين أكدوا لنا أنهم متمسكون بالاستقلال رغم كل إجراءات الترهيب الهرسلة التي تمارسها قوات الاحتلال عليهم. و قد رفعوا شعارات " كل الوطن أو الشهادة " و الصحراء حرة حرة و الاستعمار على بره " و حقيقة كل الكلمات والمشاعر تعجز عن وصف حسن الاستقبال الذي لقيه الوفد التونسي ، بالإضافة إلى روح الصمود في وجوه نساء و رجال و أطفال مخيمات اللاجئين بتندوف .
لقاء رسمي مع رئيس الصحراء
حدثنا الرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز خلال مأدبة الطعام الرسمية التي نظمت بالمقر الرئاسي بتندوف و جمعته مع كل المشاركين في الندوة في لقاء رسمي عن المعاناة الحقيقة في هذه المنطقة ،إذ اعتبر أن مشاركة عدد كبير من نساء العالم في هذه الندوة الدولية الثالثة لدعم مقاومة المرأة الصحراوية دليل على التضامن العالمي مع قضية الشعب الصحراوي خاصة المرأة الصحراوية في مسيرتها النضالية من أجل الحرية والاستقلال، وأكد على أهمية المناسبة الذي يحضر فيها الوفد إلى مخيمات اللاجئين ليقول للعالم ولمجلس الأمن أوقفوا معاناة الشعب الصحراوي. 
جرائم نكراء في حق نساء الصحراء
رغم المعاناة إلا أن الصحراويات لم يسئمن مشقة الانتظار في مخيمات تفتقد لأبسط شروط الحياة الكريمة و ظلوا صامدين من اجل حقهم في الاستقلال و حرية تقرير المصير ، حاولنا الحديث مع بعض النساء الصحراويات اللاتي تعرضن إلى انتهاكات جسدية جسيمة  نذكر شهادة "سلطانة خيا" التي دافعت كأي مواطن صحراوي عن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير, و عند سؤالنا لها عن الانتهاكات التي تعرضت لها تحدثت لنا بكل ثقة في النفس " واجهت العديد من الضغوطات  وتم التضييق علي داخل منطقة  "بوجدور" إلى أن قررت التوجه لمراكش حيت  ولجت معهد للغة الفرنسية  مكثت هناك حوالي 6 أشهر  و شاركت يوم 9 ماي 2007 مع طلبة جامعة القاضي عياض بمراكش  في مسيرة ضمت حوالي 500 طالب صحراوي مطالبين بتقرير المصير  ويومها تعرضت لتعنيف فقدت على إثره عيني  ولكن في حقيقة الأمر لم أشعر يوما أني فقدت عيني لكون الشعب الصحراوي هو عيوني الحقيقية.
و اعتبرت أن تشكيل لجنة تونسية لمساندة الشعب الصحراوي في قضيتهم العادلة شرف كبير لكل الشعب الصحراوي، فهذه المشاركة لها دلالتها، خاصة أنها انبثقت من ارض الثورة و الحرية و الكرامة و حق الشعب في تقرير مصيره و بالتالي سيكون لها الأثر الايجابي و العميق على مسار قضية الصحراء الغربية.و أضافت اشكر جريدتكم على إتاحة الفرصة للحديث حتى يتعرف الشعب التونسي أكثر على القضية الصحراوية كما  أشكركم باسم الشعب الصحراوي.  
مذهل جدا  صمود هذه المرأة الصحراوية و شهامتها في التحدي ورفض كل أنواع الذل والعارو المهانة. و خلال الحديث مع بعض النساء الصحراويات الأخريات  في مخيم "العزة و الكرامة " أكدوا للسّور انه رغم كل الانتهاكات و محاولات تضييق الخناق و الاستعمار فان استعداد النساء الصحراويات على مواصلة المقاومة والثبات لا بديل عنه، وأن الصحراويات عازمات على الصمود في وجه الظروف الطبيعية القاسية، وما تتعرضن له يوميا من قهر وتعذيب وسجن واغتصاب على يد أفراد القوات المغربية الاستعمارية.
و تحدثن النساء الصحراويات مطولا عن التضحيات الجسام التي قدمنها ولا زالت تقدمها بنات" الساقية الحمراء" و"وادي الذهب"، وهن اللواتي أخذن على عاتقهن بناء وتسيير مخيمات اللجوء، ولازلن يدافعن بشرف وبسالة على مقومات الهوية الصحراوية التي يحاول المحتل المغربي طمسها في أذهان الشباب الصحراوي والأجيال الصاعدة.      
و يستمر النضال ..
مشاهد و روايات للنساء الصحراويات من انتهاكات و اعتقال و استشهاد لهن و لأبنائهن و أزواجهن كانت مذهلة و تشد الانتباه. و لكن هذا الاعتداء الصارخ لم يمنعها  في ظرف أسابيع بمخيمات اللاجئين عن صنع 8000 خيمة وهو خير دليل على "شجاعة و مقاومة" المرأة الصحراوية المناضلة يجعلك تنحني لها احتراما و تقديرا. وهاهي اليوم منذ بدئ انتفاضة الاستقلال وهي تجوب شوارع وأزقة المناطق المحتلة مناضلة صامدة تبكي وتبكي بدون دموع حرقة ومرارة لهذا الوضع الأليم ,الشنيع اللا إنساني و اللا أخلاقي من هتك حرمة البيوت، ومن هتك حرمتها كمخلوق كرمه الرحمن على باقي المخلوقات.
ولازالت تقاوم في مسيرتها النضالية الى حين تحقيق حق شعبها المشروع في تقرير المصير ونصب علمه الوطني .