الأحد، 26 مايو 2013

رفاق شعباني: ملك المغرب خدعنا ثم راح يشحت الهدنة

العقيد شعباني لجنوده: " طولوا بالكم "


بفتحها ملف "حرب الرمال" تسعى "الشروق" للاسهام في توثيق أحداث أول مواجهة عسكرية مباشرة بين الجزائر والمغرب، وهذا من خلال الشهادات التي جمعتها لأشخاص شاركوا في تلك الأحداث، التي وقعت في العام 1963، وأشعل فتيلها النظام المغربي، الذي أراد التوسع على حساب دولة شقيقة، في وقت كانت فيه الدولة الجزائرية الفتية لم تلملم جراح الفترة الاستعمارية وحرب التحرير الدامية.






.العريف مبروك بن عبة 


  "سقطت في الأسر فجوّعوني ودفنوني في قبو لمدة 25 يوما"  


يقول العريف مبروك بن عبة للشروق اليومي بأن ثكنة الجلفة كانت نقطة انطلاق جيش شعباني، بخطط مباغتة أربكت العدو، قبل أن يتعرض للأسر من طرف جيش المغرب، "كنا في ثكنة الجلفة، تلقينا أمرا بالتوجه إلى الحدود تحت قيادة شعباني، الذي كان يتقدم الموكب بسيارة جيب وهي من البطولات التي تجعل القيادة فعلا في مستهل الركب وليس في الغرف البعيدة، مكثنا في بشار ثلاثة أيام وفي اليوم الرابع التقينا بجيش محمد أولحاج من الولاية الثالثة وتنقلنا إلى تندوف جوا، انقسمنا إلى أفواج وانتشرنا عبر مواقع معينة، كنت ضمن الفوج الذي توجه إلى فم لعشار نتبادل إطلاق النار من حين إلى آخر مع الجيش المغربي، أما ما صعب علينا المهمة، جهلنا لجغرافية المنطقة، في الوقت الذي بدا المغاربة ملمين بالمكان وبتضاريسه، مما أكد فرضية مساعدتهم من طرف الفرنسيين الذين زوّدوهم بالخرائط وبالسلاح أيضا، الشيء الذي سهل عليهم محاصرتنا بسلاح ثقيل متطور، غالبيته فرنسي الصنع، أتذكر ذلك اليوم الذي امتدت فيه المعركة من الرابعة فجرا إلى الثالثة مساء وقتها كانت القوات الخلفية تراجعت دون علمنا.

وبانتهاء المعركة وجدتني وعريفين آخرين تائهين في الصحراء فقدنا معالم المكان، سرنا تحت جنح الظلام دون تحديد الوجهة إلى أن فقدنا الوعي بسبب العطش والتعب لنستفيق ونحن بين أيدي قوات الجيش المغربي على صوت أحدهم يقول"ملكنا يتحزم بالرجال وليس بالحزام .. لن تقدروا على هزمنا".

يواصل العريف مبروك بن عبة القول"تم تحويلنا إلى مركز خلفي مكبلين لا نقدر على الحركة، مكثنا ثلاثة أيام لنحول إلى منطقة أغادير ثم مراكز حجز في مراكش، هناك غيروا لنا ثيابنا ووضعونا في قبو لمدة 25 يوما ومنه رحلونا إلى الرباط بعد أن بلغ عددنا قرابة 300 أسير، هناك فرضوا علينا الأشغال الشاقة يطلبون منا مثلا حفر خنادق عميقة ثم إعادة ردمها في التو ويرغموننا على رفع حجارة ثقيلة والصعود بها إلى مرتفع، أما الأكل فنصيبنا في اليوم خبزة لكل ثمانية أسرى، يأمروننا بتقشير الخضار بمختلف أنواعها، ويمنعونها علينا يحاسبوننا حتى على وزن القشور، بطريقة لم أتصور أبدا أنها موجودة في العالم، لقد دامت مدة أسرنا 9 أشهر عشنا خلالها أبشع صور الإهانة، أبرزها حرماننا من مواد غذائية ومواد تنظيف تبرع بها الصليب الأحمر الدولي، الذي خصنا وفد عنه بزيارة إنسانية وصحية، ولكن نظام المخزن تحصل على ما جاءنا من الصليب الأحمر، وبتوقيف القتال تم ترحيلنا إلى وجدة عبر القطار وعدنا إلى أرض الوطن في عملية تبادل الأسرى بين البلدين، لقد كانت أيام عذاب وإهانة لم يمحها نصف قرن كامل.
المجاهد مدني بجاوي

قوات شعباني كان تسليحها بسيطا من بقايا سلاح الثورة   

يقول الأمين الولائي لمنظمة المجاهدين ببسكرة مداني بجاوي في شهادته للشروق اليومي، أن العقيد شعباني لعب دورا كبيرا لأجل إقناع القائد محمد الحاج على تجاوز الخلافات الداخلية التي اندلعت في ذلك الوقت، حيث دعا إلى الاتحاد لأجل حماية الحدود أولا، وأفهمه بأن تواصل الفتنة سيعيد الجزائر إلى نقطة الصفر، وأوضح أن شعباني تلقى رسالة من الرئيس الراحل أحمد بن بلة يطلب منه محاربة جماعة الأفافاس بعد نشوب الفتنة عقب الإستقلال وتهديدها لتضحيات الرجال ومكاسب الشعب، لكن شعباني رفض الطلب جملة وتفصيلا، مفضلا تحكيم العقل لحقن 
دماء الجزائريين وليس صب الزيت على النار.


وفي المقابل أقنع محمد الحاج بضرورة التوجه إلى الحدود الغربية لحمايتها من التدخل المغربي وطمع المخزن واقنع أيضا بن بلة بتوجهه الكفاحي، في ذلك الوقت، حيث صرح بشأنه الرئيس بن بلة،  بعبارة "حڤرونا"، وبدأ الزحف الأكبر بعد نصر 1962 نحو الجنوب الغربي، وكان مجرد الاتحاد والعزم على ضرب كل من يحلم بشبر من الجزائر المحرر، إنذار شديد اللهجة أخاف الطامعين وزلزل آمالهم وجعلهم في حالة من الارتباك، حيث خططوا على أساس الفتنة الداخلية، وقلب حماس الجزائريين المعادلة قبل بداية الحرب، وقاد العقيد شعباني قائد الولاية السادسة، جيشا نوعيا متميز بالاستعداد للتضحية وإكمال رسالة الفاتح من نوفمبر، إلى الحدود الغربية منهم من قضى نحبه في المكان بطلا شهيدا أو بعد ذلك، ومنهم من لا يزال على قيد الحياة، جيش بعتاد بسيط من بقايا سلاح الثورة الذي بالكاد كان يفي بغرض الدفاع عن تراب البلاد المحرر، فيما كان المغرب يتمتع بجيش نظامي مدعم ومدجج بالأسلحة المتطورة الموجودة في ذلك العهد وبالمباغتة والتخطيط الطويل المدى للمعركة التي تصور أنه 
سينتصر فيها وسيحقق أطماعه في لحظات




المصدر: الشروق الجزائرية