الاثنين، 13 مايو 2013

جبهة البوليساريو: أهداف ومنطلقات (حلقة 1)

 
بقلم: السالك مفتاح


"جبهة البوليساريو 40 سنة: من العنف الثوري الى المقاومة السلمية .. تغيرت الأساليب دون الأهداف"
توطئة تاريخية:
منذ ما يقارب أربعين سنة، وفي ظروف بالغة الصعوبة وفي ظل تآمر مكشوف (اسبانيا، المغرب، موريتانيا، فرنسا، الولايات المتحدة) وجد الشعب الصحراوي نفسه في مواجهة حتمية مع المتربصين بقضيته والطامعين في أرضه وسط ضبابية الحرب الباردة وأجواء الاستقطاب، انه مرغم على خوض الكفاح المسلح في وجه الاستعمار الاسباني ومن بعده الاحتلال الأجنبي (المغربي-الموريتاني).. فكان ميلاد الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (جبهة البوليساريو) خلال مؤتمرها الأول الذي قرر تأسيس جناحيها العسكري والسياسي، متخذة من "العنف" المسلح وسيلة للمقارعة وأداة للظفر بهدف الاستقلال والحرية للشعب الصحراوي والتخلص من ربق الاستعمار .

حيث تبنت جبهة البوليساريو "خطاب الكفاح المسلح"، كما أوضحت في بيانها التأسيسي الصادر 10ماي 1973 بالقول انه إزاء تشبث الاستعمار بالمنطقة مسيطرا، فإنها تتخذ من "العنف الثوري والعمل المسلح وسيلة للوصول بالشعب الصحراوي العربي الإفريقي إلى الحرية الشاملة من الاستعمار الإسباني وضرب مؤامراته." والذي جسدته في معركة الخنكة 20 ماي 1973.

جبهة البوليساريو: أهداف ومنطلقات

فجبهة البوليساريو بحسب قانونها الأساسي الصادر عن المؤتمر الـ13 هي "حركة تحرير وطنية، وثمرة مقاومة صحراوية طويلة ضد مختلف أشكال الاحتلال الأجنبي، ينضوي في إطارها، على أساس طوعي وفردي، كل الصحراويين الذين يؤمنون بمبادئ ثورة 20 ماي ويلتزمون باحترام قانونها الأساسي وبتطبيق برنامج عملها الوطني في كفاحهم من أجل الاستقلال التام واسترجاع سيادة الشعب الصحراوي على كامل تراب الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية".

وهي كذلك "تنظيم سياسي وطني"، يقود الكفاح من خلال تأطير الشعب الصحراوي وتنظيم طاقاته وضمان وحدته وحماية مكاسبه وتذليل الصعاب في وجه مسيرته، ومواجهة الأخطار المحدقة به، ورسم الأهداف والآفاق من أجل تحقيق تطلعاته المشروعة في الحرية والاستقلال وبناء دولته المستقلة.

جبهة البوليساريو التي تخلد هذه السنة ذكراها الأربعين منذ تأسيسها ذات "مشروع اجتماعي تعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص ومحاربة كل أشكال التمييز القائمة على أساس العنصر أو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين." وهي "تسهر على ضمان الاستفادة بالتساوي من الخدمات الاجتماعية الأساسية والحفاظ على التماسك الاجتماعي من خلال دعم الأسرة كمحتوى أخلاقي، ثقافي واجتماعي وديني." بحسب ديباجة قانونها الأساسي الذي يشكل أهم مصدر في أدبياتها السياسية.

وجبهة البوليساريو منظمة "ديمقراطية من حيث أساليب عملها واتخاذ قراراتها" تعمل باستمرار على بلورة أفكار وأراء كل فئات الشعب في إطار بنيات هيكلتها التنظيمية (مؤتمرا، ندوات، فروع، خلايا) وتضع على أساسها خطط العمل التي تخضع لمراجعة والتنقيح خلال كل 4 سنوات.

وتحرص البوليساريو على "إشاعة وترسيخ مبادئها ومثلها" في الأجيال الصاعدة بهدف تجنيد القوة الشابة في معركتي التحرير والبناء، مع استقطاب الكفاءات الوطنية في التأطير واستثمارها لتقوية التنظيم والبناء المؤسساتي للدولة الصحراوية ولجبهة البوليساريو، بحسب مقتضيات ذات القانون.

وتعتمد البوليساريو في مشروعها على "نبذ كل الممارسات" التي تهدف إلى بث التفرقة أو النيل من الثقة في مشروعها الوطني، وتحرص بقوة على عدم المساس بـ"ثوابت وأهداف" ثورة الشعب الصحراوي وكفاحه، وكرامة المواطن وحرياته 
الأساسية.

وفي أدبيات البوليساريو تنصيص على "نبذ وردع" كل تصرف يمس من الملكية العامة وكل أشكال الفساد في المجتمع الصحراوي، بجانب "صيانة حقوق الإنسان والتصدي بصرامة لكل الممارسات الماسة بالكرامة الإنسانية."

وحددت جبهة البوليساريو منذ تأسيسها مبادئ تشكل خريطة طريق لنهجها في "عملها الميداني في مواجهة الاستعمار والتحرير من قبيل "الكفاح المسلح" أو "العنف الثوري" كما برز في أدبياتها الأولى، قبل أن يكيف بعد وقف إطلاق النار، ثم هناك أخرى متعلقة بالتقويم لمناضليها مثل "التضحية" بالروح والنفس والمال مع "الإيمان والتشبث بوحدة الشعب" والتحلي بمميزات "المسؤولية والسرية والصراحة البناءة، النقد والنقد الذاتي، المثالية، الأمانة، الإخلاص للوطن، الالتزام." التي ينبغي لأطر ومناضلي البوليساريو ان يتصفوا بها في ممارساتها اليومية.

وقد حدد ميثاق البوليساريو(قانونها الأساسي) ثوابت لا يمكن التفريط فيها او التنازل عنها مثقال ذرة من قبيل "ان الشعب هو مصدر السيادة والشرعية"، و"صيانة الوحدة الوطنية، والكفاح من أجل الاستقلال الوطني والبناء، الوحدة الترابية للجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، و"صيانة قيم الشعب الصحراوي وحماية مقومات شخصيته الوطنية، واحترام الحريات الأساسية للإنسان المحددة في دستور الجمهورية.

وتتخذ جبهة البوليساريو من التعريف بكفاح الشعب الصحراوي وتوسيع مجال التضامن العالمي معه، وتكريس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية كـ"حقيقة لا رجعة فيها لضمان الإستقرار والتوازن في المنطقة" بجانب مساندة ودعم حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها ودعم الاتحاد الإفريقي في جهوده لتعزيز التكامل بين بلدان القارة، "أهدافا في إستراتيجية" العمل بحسب مقررات المؤتمر 13.

كما تعمل البوليساريو على المساهمة في تحقيق وحدة مغرب عربي تتبوأ فيه الدولة الصحراوية مكانتها الطبيعية، والعمل على إقرار السلم والأمن الدوليين والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لشعوب العالم على أساس العدل والمساواة.