السبت، 8 سبتمبر 2012

التقرير الاولي لمركز روبرت كينيدي



العيون، بالصحراء الغربية المحتلة من طرف المغرب

على الرغم من لباسه المدني، لم يكن هناك شك في كونه من الشرطة السرية عندما هاجم مقعد الراكب الأمامي من التويوتا لتغطية عدسة كاميرا ابنتي، ماريا، ذات ال 17 عاما، في محاولة للحيلولة بينها وبين تصوير ضرب امرأة من قبل بعض زملائه، بالزي الرسمي وبالزي المدني. غير أن عدسة ماريا كانت اسرع منه لذلك اندفع نحوها في محاولة لانتزاع الكاميرا من يدها، والشرر يتطاير من وجهه. ورغم أن ماريا لم تصب بأذى إلا أن ذلك لم يكن حظ المرأة الصحراوية..

وبعد بضع ساعات، توجهت مديرة فرونت لاين (الخط الامامي)، ماري لاولور، والسيد ايريك سوتاس، مؤسس المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، إلى المستشفى المحلي، حيث زارا الضحية، سكينة جد اهلو، رئيسة منتدى النساء الصحراويات، التي كانت دامية الوجه ومصابة برضوض.

،ولم نكن وحدنا شهودا على هذا. حيث أن عددا من النساء الصحراويات بلباسهن التقليدي المتعدد الالوان كن قد أحطن بأختهن المصابة وهن يهاجمن من طرف الشرطة.

وقد رأينا أحد ضباط الشرطة المحلية في زيه الأزرق. ثم كانت هناك حفنة من البلطجية، قيل لنا من قبل القيادات الميدانية الصحراوية لحقوق الإنسان انهم من جهاز أمن الدولة (د.س.ت). وبالإضافة إلى ذلك، كان هناك مخبرون بملابس مدنية كانوا يتبعوننا طيلة اليوم. وحين حاولت ماريا أخذ صورهم، سارعوا لاخفاء وجوههم في حين حاول أحدهم الاختباء خلف سيارته. وفي هذه الاثناء وقف متوحشون اثنين امام نوافذ سيارتنا، ومنعوا عنا جزئيا رؤية الهجوم على المرأة. اما متوحش ثالث فقد أطلق سبابا ضد ماريا، وشتمها بكلمة لا مجال لكتابتها هنا، ووقف في وجه الكاميرا واضعا يده امامها.

وقد تعرفت امينتو حيدار، الفائزة بجائزة روبرت كيندي لحقوق الإنسان على بلطجية "د.س.ت" فورا. وكان واحدا منهم، ذو شوارب وأصلع، محمد الحسوني، هو نفسه الرجل الذي تهجم على ابنتها البالغة من العمر 13 عاما، مهددا اياها بقوله: "سوف اغتصبك حتى الشلل".

وامينتو حيدار، المعروفة باسم "غاندي الصحراوية" هي واحدة من ابرز المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان. فلأكثر من 20 عاما شاركت في المقاومة السلمية ضد الاحتلال المغربي لوطنها. وقد اعتقلتها السلطات المغربية بشكل غير قانوني، وسجنتها وعذبتها وضربتها، بل وهددتها بالقتل. وقد أمضت اربع سنوات ونصف من السجن معصوبة العينين. وعلى الرغم من سوء المعاملة من قبل المسؤولين، فإن امينتو ترى المواطنين المغاربة "اخوة" لها، وتحتفظ بكل شجاعة بالتزامها الراسخ بالكفاح السلمي وهي تدعو إلى الإفراج عن سجناء الرأي، وتسعى إلى تعزيز آليات رصد حقوق الإنسان محليا، وتطالب بتنظيم الاستفتاء الذي اتفق عليه جميع الأطراف منذ أكثر من عقدين من الزمن - حتى يتاح لشعب الصحراء الغربية التصويت على مستقبله.

إن العنف الذي شهدناه ليس حادثا معزولا. فقد التقينا عشرات النساء ممن تعرض أزواجهن وأبناؤهن للضرب والسجن لنشاطهم السلمي. التقينا مع مجموعة من الرجال الذين عرضوا لنا أشرطة فيديو منزلية عن مظاهرات سلمية تعرض المشاركون فيها للمضايقات والركل والضرب بالعصي من قبل شرطة يرتدون الزي الرسمي وبملابس مدنية. التقينا مع مجموعة من المحامين الذين قالوا انهم اشتغلوا على ٥٠٠ حالة محاكمة منذ 1999 إلى الآن مثل الحالة التي وقفنا عليها اليوم، محتجون مسالمون، يتعرضون للضرب وللرضوض، وينزفون الدماء ويقتلون في بعض الأحيان، ودائما، دائما يتهمون على انهم مجرمون. واخبرنا المحامون انه في كل تلك السنوات برأت المحاكم ثلاث ضحايا صحراويين فقط.

وقد ادعى المكتب الإقليمي للحكومة المغربية أن سكينة جد اهلو لم تتعرض للضرب وان الحادث بأكمله كان مجرد مسرحية. غير أنها لم تبدو لنا نحن كذلك! كما أن جراحها والوجه المنتفخ وتغير لونها نتيجة الضرب كان حقيقيا.

نحن هنا لمدة أسبوع مع وفد من مركز روبرت كينيدي للعدالة وحقوق الإنسان لتقييم حالة حقوق الإنسان في كل من الصحراء الغربية ومخيمات اللاجئين الصحراويين حيث يعيش الصحراويون الذين تعرضوا للترحيل القسري. وبالتأكيد أننا حصلنا على صورة اولى لهذا اليوم، ولازالت امامنا ٧ ايام.