الثلاثاء، 31 يوليو 2012

سحب المتعاونين لمسة من بقيت؟



كثيرون يرون الوضع في مخيمات اللاجئين الصحراويين أئل الى كارثة
ويقولونها علنا ، كثيرون يهولون الامر ويعتبرون الانسحاب ضربة قاضية لجزء
كبير من معنويات شعب الصحراء الغربية اللاجيء في الجزائر ، لكن الامر
لايبدو بذلك السوء ، على الاقل لمن له دراية بثورة الشعب الصحراوي ، الذي
إكتفى وعلى مدار أربعة عقود تقريبا برغيف خبز إمتزج فيه الرمل والرصاص ،
ورضي بذلك تمام الرضى في سبيل سيرورة العمل النضالي الذي يحتمه أكثر من
سبب.
إنسحب المتعاونون ، لكنهم كما تركوا شعبا يكابد لنفسه وحيدا في نفق
تملؤه معانات اللجوء ، فإنهم تركوا على جبين بلادهم إسبانيا ، مسحة
إستسلام للإرهاب ومن يقف خلفه ، يضاف الى تآمرها ضد الصحراويين ببيعهم
وعدم تحمل مسؤولياتها تجاههم مقابل حفنة مصالح تضمنها الرباط ، وربما
لأسباب كتلك خطت اسبانيا بأحرف خزيها قرار إنسحاب متعاونيها في المخيمات
.
الشارع الصحراوي الذي يقتات الارادة ، لن يقتله الجوع في الصحاري
القاسية بحمادى تيندوف ، ولن يسقط في فخ رسمته الرباط ومدريد مجتمعتين
لإضعاف معنوياته بضرب مجال التعاون ، فهو يصوم في عز صيف تصل درجات
حرارته الخمسين ، تلك إرادة يشهد لها القاصي والداني بالقوة وعدم
الاضمحلال وطول النفس .
حدث كل شيء في ظرف قصير جدا ، وفي غمرة من تحولات تشهدها المنطقة ،
وإتساع رقعة الإرهاب وغير ذلك ، لكن هذا لا يثير الاهتمام ، بقدر ما يطرح
تساؤلات عن الاسباب الحقيقية وراء القرار ، من يقف خلف إختطاف المتعاونين
؟ ومن يستفيد من قرار إسبانيا سحب المتعاونين ؟ وحتى من يستفيد من تحويل
منطقة الصحراء الى بؤرة توتر ؟ .
تساؤلات ثلاث لا بد أن المخابرات المغربية والفرنسية كلتيهما ، تعلمان
من ومن ومن ؟ فانتشار الارهاب سببب غير كاف لبسط الجوع محل الاغاثة
الانسانية ، حتى أفغانستان التي يظهرها الغرب على أنها منبع الظاهرة ،
لازالت تحتوي مئات المتعاونين في المجال الانساني ، رغم عمليات الخطف
المتكرر للعاملين في ذلك الميدان .
أكاد أجزم أن من يقف وراء ، ووراء ، أجهزت مخابرات خبيثة تركت الشكوك
وبقايا بصماتها غير مكتملة المعالم ، إلا في عيون أولي الاباب من
المحللين والمتمرسين من كبار رجالات سي أي آي .
لم تكون الموساد بمنأ عن ماحدث ويحدث في إطار المساعي الغربية الحثيثة
لإيقاف توغل العملاق الصيني في القارة السمراء ، عبر خلق بؤرة توتر جديد
في منطقة الساحل والصحراء والتمهيد لوجود عسكري غربي دائم في المنطقة ،
أما اليد الفرنسية فبدت واضحة في أطوار العملية الاولى ، ففي بوركينافاسو
فاسو لا تهتدي إلا فرنسا ، في مالي تحكم أجهزة مخابرات دولتين غربيتين
قبضتها على باماكو وما حولها ، الى ضفاف جيران مالي دون إستثناء ، وأحد
المتنفذتين في مالي الجديدة هي أجهزة المخابرات الفرنسية ، وفي موريتانيا
لا تخلو أزقة نواكشوط من أقدامها السوداء ، وفي كل تلك التحركات توجد
بصمات الرباط ، ترصدها بعيون التعاون بين المخزن وباريس ، وتشارك في نسج
العملية متى طلب السيد من عبده .
كل ماجرى هنا وفي هذا الوقت بالذات ، يخدم دون شك مصالح المغرب برعاية
فرنسية ، إن لم يكن كذلك فمن يسمح للشافعي بدخول أراضيه دون تأشيرة عبور
؟ و إن لم يكن كذلك أيضا ، فكيف صال وجال الارهاب بالمختطفين من شمال
مالي الى العاصمة البوركينابية وغادوغو بكل حرية ؟ وإن أستحالت تخميناتي
، فماذا يعني أن تقتل الانسان عمدا بثلاثوث الجوع والعطش والمرض؟ .
عندما يقول الملك المغربي في خطاب الذل ، يوم كان كديم إزيك شامخا ،
سنرد الصفعة بيد من حديد بيد أهل البيت الصحراوي نفسه ، وحدث ذلك فعلا ،
الكل يعلم ، فهل يحتاج الشارع الصحراوي الى كثير من التساؤل لمعرفة
مايجري؟
كل ما في الامر ، أن الحرب سجال يوم بيوم ، لكن رب كبوة في غضونها
النصر ، فالمغرب الذي يزغرد لقرار إسبانيا ، حَكم حُكم داوود على نفسه في
حادثة التسعة والتسعين نعجة ، فم يرضى بقتل من يسميه "شعبه المحتجز في
تيندوف"ويسمي الشعب الصحراوي نفسه "شعب النصر أو الشهادة " ؟.الأكيد أن
شعبا كهذا لم يوقفه وحش الجوع ولن ، عن رد ماكان وسيكون دوما صحراوي الى
يوم الدين .
بقلم: مصطفى الصحراوي