الاثنين، 19 ديسمبر 2011

"الجزائر" تنقل رد محمد عبد العزيز على منتقديه خلال المؤتمر الـ13 : رفعنا منحة المقاتل واعتمدنا العفوية وعدم

الكاتب: مبعوث "الجزائر" إلى تيفاريتي: فيصل حملاوي
الأحد, 18 ديسمبر 2011

اجتهد الأمين العام لجبهة البوليزاريو السابق، محمد عبد العزيز، بعد حل الأمانة الوطنية، في انتظار انتخاب أخرى جديدة اليوم أو غدا على أقصى تقدير، طيلة ساعتين من الزمن، في تقديم التوضيحات والردود على الانتقادات التي وجهت إلى الأمانة الوطنية، على مدار يومين من المداخلات التي قدمها المؤتمرون، خاصة ما تعلق منها بالمقاتلين في الجيش الصحراوي والانتفاضة السلمية داخل الأراضي المحتلة، إضافة إلى نقاط أخرى على علاقة بالتسيير الداخلي لمخيمات اللاجئين والأراضي الصحراوية المحررة.

"الجزائر" تسترق السمع وتنقل المستور

وتركزت ردود محمد عبد العزيز، التي حضرت "الجزائر" جزءا منها، قبل أن يتفطن المكلفون بالأمن إلى وجود ضيف غير مرغوب فيه وسط المؤتمرين، وهو ما اضطرنا إلى الانسحاب بخفي حنين إلى الخارج، والالتحاق بزملائنا الإعلاميين في المركز الإعلامي الذي خصص للصحفيين الأجانب، حيث يصعب عليهم اختراق التشكيل الأمني نحو قاعة المؤتمر، تركزت على التأكيد أن الصحراويين شعب مسالم، وأنه لن يقف مكتوفي الأيدي "إذا ظلمنا أحد أو تعرضنا لعدوان غادر"، في إجابته عن تساؤل لأحد المؤتمرين بخصوص العملية الإرهابية الأخيرة التي تعرض لها مخيم الرابوني بالقرب من تندوف واستهداف ثلاثة متعاونين أوربيين. مؤكدا في السياق أنه " لا البحر ولا السماء و لا الأرض ستنجي من ظلمنا وسنبقى وراءه وراءه". وأردف يقول بالحرف الواحد " نحن في الشريعة المحمدية نتساهل مع الشيوخ والأعيان والقبائل للعفو عن المتورطين في قضايا المخدرات، لكن سنكون حازمين في معاقبة المجرمين وبارونات المخدرات، وأن الجبهة كانت إلى وقت قريب هي من يبادر بالهجوم، ومن هنا ستبدأ في تبني استراتيجية الدفاع بعد العملية الغادرة الأخيرة".

تساؤلات بلا أجوبة

ولم تشف الردود التي قدمها رئيس الدولة الصحراوية السابق، غليل المؤتمرين في منطقة تيفاريتي المحررة، نظرا لطابع السرية الذي لا يزال يحيط ببعض الملفات ذات الأهمية، وهو الأمر الذي صعب على قيادة البوليزاريو الإفصاح عنها للحاضرين في المؤتمر الـ 13 للجبهة، وهو ما كشفت عنه الجلسات التي سبقت عملية المصادقة على التقريرين الأدبي والمالي الذي قدمه محمد عبد العزيز للمؤتمر يوم الجمعة الماضي.

رئاسة المؤتمر تأمر بقطع البث المباشر لأشغال المؤتمر على التلفزيون والإذاعة الصحراويين

واضطرت رئاسة المؤتمر إلى قطع البث المباشر لأشغال المؤتمر على التلفزيون والإذاعة الصحراويين، نظرا لحساسية المداخلات التي ركزت في مجملها على نقد الوضع الراهن والفساد ومستقبل المفاوضات مع المغرب، بعدما عكفت منذ افتتاح أشغال المؤتمر على نقل كل كبيرة وصغير بالصوت والصورة لكل الصحراويين في إطار حقهم في معرفة مستقبلهم السياسي والنضالي، خاصة مع استمرار الرباط في سياسة التعنت وعجز المنتظم الدولي عن تنفيذ قراراته ذات الصلة بحق الصحراويين في تقرير المصير.

رفعنا منحة المقاتل بفضل عمل القيادة واهتمامها بالجيش

وحملت تدخلات المقاتلين في الجيش الصحراوي انتقادات كثيرة للأمانة العامة لجبهة البوليزاريو، تضمنت عدم الاهتمام بهم، خاصة ما تعلق منها بالناحية الاجتماعية، لكونهم مضطرين للعيش بعيدا عن عائلاتهم لشهور، في حين لا تكفي المنح المقدمة لهم لسد الرمق، في ظل الظروف التي تعيشها المخيمات والأراضي الصحراوية، بسبب قلة المساعدات الإنسانية التي تأثرت بالأزمات المختلفة التي يشهدها العالم، وكان رد عبد العزيز حازما في هذا السياق "في السنتين الأخيرتين (2010 و 2011 ) رفعنا المنحة المقدمة للمقاتل، وهذا لم يأت هباء أو هدية من أحد، بل بفضل عمل القيادة وبحثها واهتمامها بالجيش وتقويته".

عتاب ولوم لقيادة البوليزاريو السابقة من الأراضي المحتلة

ونقل الوفد الحقوقي المشارك في المؤتمر من أبناء الشعب الصحراوي الذين يعيشون داخل الأراضي المحتلة، الكثير من العتاب واللوم إلى قيادة البوليزاريو السابقة، التي اتهموها بالتقصير وعدم الاهتمام بانتفاضتهم المتواصلة التي نصت عليها قرارات المؤتمر الـ12 للجبهة، بعد أساس الصحراويين داخل أراضيهم المحتلة بأن ممثلهم الشرعي والوحيد غير مهتم بهم ولا يبالي بتضحياتهم الجسيمة، التي طبعت بـ "الدم نضال الصحراويين من أجل استرجاع سيادتهم"، وهو ما دفع بأمين عام الجبهة إلى التأكيد "اعتمدنا العفوية وعدم تقييد الانتفاضة بالمناطق المحتلة عن قصد". مضيفا " فلولا هذا التكتيك لما استطاعت امينتو حيدار أن تقوم بما قامت به من بطولات ولو أنها بقيت تنتظر تعاليم من البوليزاريو كان يمكن للأمور أن تأخذ منحى آخر، ونفس المسألة نراها في مخيم أقديم زيك". مشيرا في رده إلى أنه " نحن (قيادة البوليزاريو) كنا نواكبها منذ السبعينيات، ولكن كل جهودنا الرامية لمتابعة وتجنيد المناضلين ليكونوا تابعين للتنظيم السياسي بالجبهة، كانت المخابرات المغربية تجهضها بإلقاء القبض على المناضلين أو بتفكيك خلايا التنظيم السياسي للجبهة في المنطقة". مستشهدا في السياق بما حدث بين 1980 و1981 "عندما تم اعتقال جل المناضلين المشرفين على تأطير وتكوين الصحراويين بالأراضي المحتلة".

الجبهة تفتقر إلى الإمكانيات

وأقر الرئيس الصحراوي قبل حل الأمانة الوطنية، أن الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، لا تزال تفتقر إلى الإمكانيات المادية والعسكرية، في رد على تدخل أحد المؤتمرين الذي سأله " لماذا لا تتبنى الجبهة استراتيجية لمواجهة ومقارعة العدو"، فرد قائلا: "نحن لا نملك إمكانيات وبالتالي لا يمكن أن نبني استراتيجية، كل شيء نتركه للزمن". وكان الناطق الرسمي للمؤتمر الـ13 لجبهة البوليزاريو، السيد سيدي محمد عمر، قد أكد أن العمل العسكري يبقى خيارا استراتيجيا لدى قيادة الجبهة والشعب الصحراوي، وأن جبهة البوليزاريو "تمتلك جميع الإمكانيات لاعتماد هذا الخيار". مشيرا إلى أن "خيار السلاح ليس مستبعدا من أجل تحقيق خيار هذا المؤتمر الذي اتخذ شعار (الدولة الصحراوية المستقلة هو الحل)".

أربع لجان لدراسة مستقبل الصحراويين

وشهدت أشغال اللجان الأربع التي شكلها المؤتمر وهي لجنة القانون ونقد التجربة ولجنة برنامج العمل الوطني ولجنة الانتفاضة ولجنة البيان الختامي والرسائل والتوصيات، بعد تبني التقريرين الأدبي والمالي بالأغلبية وحل الأمانة الوطنية السابقة، نقاشا حارا خاصة بعد بروز اختلاف وجهات النظر بين المؤتمرين حول سبل المقاومة ومصير المفاوضات مع المغرب في ظل تعنته وانتهاجه سياسة الهروب إلى الأمام وعجز المجتمع الدولي عن التوصل إلى حل نهائي يقر حق الصحراويين في تقرير مصيره، وفق لوائح وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالقضية.

وتواصل صبيحة أمس عمل لجان القانون، برنامج العمل الوطني والأرض المحتلة، فيما أنهت لجنة الرسائل والتوصيات والبيان الختامي، أشغالها في وقت متأخر من ليلة أول أمس، وقدمت لجان العمل نتائجها خلال الجلسة المسائية امس، حسب مصدر من رئاسة المؤتمر، حيث تركزت المناقشات حول السبل الكفيلة بدعم ودفع عجلة الانتفاضة بالأراضي المحتلة عبر تأطير وتكوين العنصر الصحراوي حتى يكون قادرا على التكيف مع الظروف المتغيرة، إضافة إلى " إدراج فقه" الانتفاضة وتاريخها ضمن المناهج الدراسية في المدارس الوطنية مع التركيز على الواجهة الإعلامية في مواجهة الحصار الإعلامي المفروض من طرف سلطات الاحتلال المغربية على المناطق المحتلة، وتحديد عهدة للامين العام لجبهة الوليزاريو قابلة للتجديد والرفع من تمثيل الأراضي المحتلة على مستوى الأمانة الوطنية من 12 إلى 16 عضوا، ورفع جاهزية جيش التحرير الشعبي الصحراوي، وايلاء أهمية أكبر للانتفاضة والمناضلين بالأرض المحتلة، والضغط على الحكومة المغربية عبر مختلف الهيئات والمنابر الدولية من أجل حماية الثروات الطبيعية من الاستنزاف والتعاقد مع شركات الدول الصديقة للتنقيب عن الثروات في المناطق المحررة والعناية بالريف الوطني وإعمار الأراضي المحررة والمحافظة على البيئة.

الصحراويون في السجون المغربية يشاركون في المؤتمر بتوصياتهم

وأوضحت رسالة من المعتقلين السياسيين الصحراويين مجموعة اكديم ازيك بالسجن المحلي 2 سلا المغربية، إلى المؤتمر الـ 13 لجبهة البوليزاريو، أن بلوغ هدف تكريس "الدولة الصحراوية المستقلة هي الحل" مشوار تحد لا يضاهيه إلا يوم الإعلان عن الكفاح المسلح كوسيلة للتحرير، فإذا كان بالأمس التشكيك قائما حول "سبل استمرار ونجاح الحركة في إقناع واستقطاب الصحراويين وتأطيرهم"، فإن مشاكل اليوم ترتبط بالحاجة إلى "بروز عوامل تشحذ الهمم والعزائم وتحد من الرأي السلبي الذي أذكته سنوات اللاحرب واللاسلم وأساليب دعاية العدو والمنتشرة والمخترقة للجسم الوطني". مشيرة إلى ضرورة إعادة النظر في شكل التعامل مع المسألة الديمقراطية وبلورة أسلوب بصمات صحراوية تخدم تطلعات الشعب وتذليل مظاهر الخلل والأمراض المتسللة إلى الجسم الوطني، وتأهيل أداء المناضلين داخل الأراضي المحتلة بما يخدم القضية، وإعادة النظر في المفاوضات بما يقطع الطريق على مخططات العدو والاستمرار في هدر الوقت المقتطع من زمن حياة الشعب، مع التأكيد على خلق وحدات إنتاجية في الصناعة والفلاحة والشروع في إعمار الأراضي المحررة.

النشطاء الحقوقيون يبلغون بسلبية دور المينورسو

أبلغ نشطاء حقوقيون من داخل الأراضي المحتلة، من الوفد المشارك في أشغال المؤتمر الثالث عشر لجبهة البوليزاريو، قيادتهم بسلبية تعامل البعثة الأممية لتنظيم الاستفتاء بالصحراء (المينورسو)، مع الانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان داخل الأراضي الصحراوية المحتلة، في ظل استمرار السلطات العسكرية المغربية في مضايقة وتعذيب واعتقال الصحراويين المتمسكين بالقضية الوطنية، إضافة إلى الاختفاء القسري لعدد من النشطاء الحقوقيين.

وتشير إحصائيات متوفرة لدى جبهة البوليزاريو إلى وجود 83 معتقلا صحراويا في مختلف سجون الاحتلال المغربي، إضافة إلى 526 مفقود، وهو ما يعكس، حسب الحقوقيين الصحراويين، أحمد حماد، حسان عبا، بيبا حمان لمين وحمادي ناصري، الذين نظموا ندوة صحفية على هامش أشغال المؤتمر بتيفاريتي، حجم معاناتهم وراء الجدار الفاصل، حيث "يتفنن الاحتلال المغربي في تعذيب الصحراويين الذين يرفضون الاندماج مع سياسته الاحتوائية التي تهدف إلى مسح هويتهم وشخصيتهم الصحراوية". مجمعين على ضرورة تصعيد الانتفاضة السلمية وتوحيد صفوف الصحراويين بما يضمن هبة موحدة ضد العدو، وفي رأيهم، فإن الرهان يبقى قائما على هذه الانتفاضة لإعلاء صوت الشعب الصحراوي ومساندة المفاوضات حتى تحقيق الاستقلال.

عبد العزيز قد يخلف نفسه

وينتظر مساء اليوم أو غدا على أقصى تقدير غلق قائمة الترشيحات لمناصب الأمانة العامة لجبهة البوليزاريو، بعد المصادقة على عمل اللجان الأربع صبيحة اليوم، في انتظار انتخاب الأمين العام للجبهة ورئيس الدولة الصحراوية، حيث تشير معطيات من الميدان أن محمد عبد العزيز سيخلف نفسه لعهدة جديدة قد تكون الأخيرة، حسب المتتبعين، خاصة في ظل غياب بديل قوي على الساحة الصحراوية.