الخميس، 8 سبتمبر 2011

بعثة المينور .. سو إلى أين؟؟!

في مطلع العُشـرية الأخيرة من القرن الماضي، و بعد حرب دامت أكثر من 15 سنة ، إنتصر فيها جيش التحرير الصحراوي و قادنا وقف إطلاق النار فيها إلى ما نحن عليه اليوم، و بعد الإتفاق الذي توصلت إليه الأطراف المتنازعة على الإقليم )الصحراء الغربية ( و الذي يتم بموجبه ترك السلاح جانبا شريطة تنظيم إستفتاء حر يُقرر من خلاله الشعب الصحراوي مصيره، أعلنت الأمم المتحدة عن إنشاء بعثة خاصة لتنظيم الإستفتاء في الصحراء الغربية أُصطلح على تسميتها بالمينورسو(minurso) إختصارا لإسم الهيئة Mission de Naciones Unidas Para el Referendum en el Sahara Occidental ، أي بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الإستفتاء في الصحراء الغربية، و لكن اليوم و هذه البعثة تُطفأ شمعتها العشرين–ومرشحة إلى ان تطفا أكثر!- تبادرت إلى ذهني بعض الأسئلة المحيّرة من قبيل أين هو الإستفتاء الذي وُكلت بتنظيمه هذه الهيئة؟ و ما هو دورها في الوقت الراهن في ظل غياب تام للثقة بين اطراف النزاع؟ و هل هي منحازة لطرف على حساب الطرف الآخر؟؟.

في زيارة قادتني إلى المناطق المحررة و النواحي العسكرية ، إستوقفتني وفرة القوات الخاصة ببعثة المينورسو و مراكزهم التي تتواجد في كل ناحية عسكرية تقريبا، من مقرات مكيّفة و سيارات فخمة و وجبات كالتي تقدم في فنادق الخمس نجوم!!، كما انني علمت من مصادر موثوقة أن أعضاء هذه البعثة في المناطق المحتلة قد تحولو إلى "بطارين" يمتلكون أكبر "الفيلات" و يقضون عُطلهم و إجازاتهم في أحسن المنتجعات السياحية ، فتساءلت ايُّ إنجاز حققوا حتى يعيشو في هذه البحبوحة؟؟!!

تأكيدا على ما كتبه الزميل ميشان إبراهيم في مقال سابق، لقد سألت أحد المقاتلين المتتبعين لتحركات البعثة الأممية - المينورسو- عن مدى فائدة هذه البعثة على الصحراويين خاصة في الجزء المحرر من التراب الوطني فأجابني " لم نجد لهم من فائدة سوى التجسس و سرقة الأثار و تورط بعض من قيادتهم في تهريب المحظورات- المخدرات على وجه الخصوص!!- فأستحقو مني عنوان هذا المقال و الذي إعتبرتهم فيه بعثة من - سَوْ- أعزّ الله قدركم!!.

لقد تحولت هذه الهيئة إلى حكم لا يحكم بل بدون دور تماما، و في وجهة نظري الشخصية لا استبعد ؤجود علاقات وضيدة بين اعضاء هذه الهيئة و رؤوس المخابرات المغـربية، يتم فيها نسج مؤامرات وراء الكواليس يدفع ثمنها الشعب الصحراوي!!.

و كما كان منتظر، لقد تم تمديد مهمة بعثة المينورسو بالصحراء الغربية لسنة جديدة، و لكن دون أن توسع صلاحياتها لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، المينورسو وخلافا لكل البعثات الأممية في بؤر التوتر و مناطق النزاع في العالم، هي البعثة الوحيدة التي لا تمتلك آلية لحماية حقوق الإنسان، لقد عجزت الأمم المتحدة التي هي مجرد واجهة تستخدمها الدول العظمى للتغطية على جرائمها عجزت عن وضع آلية لحماية حقوق الإنسان للمينورسو في الصحراء الغربية يتم بموجبها الحفاظ على ارواح الصحروايين و حمايتهم من الظلم و التنكيل الذي يعانون منه على يد آلة القمع المغربية.

و بكل تأكيد فإن فرنسا هي من يقف وراء كل ذلك متجاوزة بذلك كل القوانين و الأعراف الدولية، مؤثرة مصالحها التي تـبقى في نظرها قبل و بعد كلّ إعتبار. إن وقوف فرنسا وراء الإحتلال المغربي في كل ما يقوم به في حق الصحراويين يُعتبر تناقضا صريحا لمبادئ ثورتها، هذه الثورة التي لم نرى منها إلا الشعارات المزخرفة و الرنّانة من قبيل الحرية، الديمقراطية و حقوق الإنسان!!

لقد تحولت بعثة المينورسو إلى أداة في يد المغرب يضرب بها جبهة البوليساريو كل ما وجد إلى ذلك سبيل، ساعده في ذلك تنازلات و تماطلات البوليساريو مع هذه البعثة التي وصل مدى "إحتقارها للجبهة" إلى درجة عدم إستشارتها في العديد من الأعمال التي تقوم بها في الإقليم، و أكبر دليل على ذلك حادثة الطائرة التي تحمل عائلات من المدن المحتلة في إطار برنامج تبادل الزيارات الذي ترعاه الأمم المتحدة و التي لم تُـشعر المينورسو بها البوليسـاريو بتـاتا ، و كأن الأخيـرة غيـر معنيـة باللأمر!.

إلى جانب دورها المغيّب تماما، لقد كُشف القناع عن كل ألاعيب المينورسو، هذه الهيئة التي يُكلّف الأمم المتحدة بقاءها في الإقليم ملايين الدولارات إن لم أقل ملايير!، والتي أصبحت بمثابة الحاضر الغائب!، و لكن المؤسف و المحزن، هو أننا –أقصد الصحراووين- و بقيادة –البوليساريو- رأينا سراب الإستفتاء فحسبناه ماء.. ففرطنا في كل نقاط قوتنا من جيش و تعليم و ديبلوماسية إلى غيرها من المجالات التي أهملناها تماما خلال عشرين سنة من اللاّحرب و اللاّسلم لينطبق علينا المثل الشعبي الشهير" شاف السراب و كفا دلوو"!!.